ولم يكن إنوسنت الثالث راضياً كل الرضا عن هذه الاعمال، فقد هاله أن يجد أن الصليبيين استولوا على أملاك رجال لم يخرجوا قط على الدين وأن هؤلاء الرجال نهبوا وقتلوا كما يقتل القراصنة المتوحشون وينهبون (٣٤). وأشفق البابا على ريمند فوظف له معاشاً سنوياً، ووضع جزءاً من أملاكه تحت وصاية الكنيسة تحتفظ بها لابنه ولما بلغ ريمند السابع سن الرشد فتح طولوز واستردها من سيمون، ومات سيمون نفسه وهو يحاصر المدينة مرة ثانية (١٢١٨). ووقفت الحرب الصليبية وقتئذ لما مات إنوسنت، وخرج من بقى حيا من الألبجنسيين المستمسكين بعقيدتهم يمارسون شعائر دينهم ويدعون له تحت حكم كونت طولوز الجديد اللين الرحيم.
وعرض لويس الثامن ملك فرنسا في عام ١٢٢٣ أن يخلع ريمند، وأن يقضي على كل الخوارج في أملاكه، إذا سمح له هونوريوس الثالث بأن يضم هذا الإقليم إلى أملاكه الخاصة. ولسنا نعرف بم أجاب البابا، وكل ما نعرفه أن حرباً صليبية بدأت، وأن لويس أوشك أن ينتصر فيها حين لفته المنية في منبلييه (١٢٢٦). وانتهز ريمند هذه الفرصة ليعقد الصلح ومع بلانش صاحبة قشتالة فيها عن لويس التاسع، فعرض أملاك ابنته جين Jeanne على الفونس أخي لويس، وعودة أملاك ريمند بعد وفاته إلى جين وزوجها. وكانت بلانش يؤرقها ويقض مضجعها الأشراف الثائرون عليها، فقبلت هذا العرض، ووافق عليه البابا جريجوري التاسع بعد أن تعهد ريمند بالقضاء على حركة الإلحاد بقضها وقضيضها. وعقدت معاهدة الصلح في باريس عام ١٢٢٩ ووضعت الحروب الإلبجنسية أوزارها بعد ثلاثين عاماً من التقتيل والتخريب، وخرج الدين القويم ظافراً من هذه الحروب، وانتهى بانتصار عهد التسامح، وحرم مجلس نربونه (١٢٢٩) أن يمتلك أحد من غير رجال الدين أي جزء من الكتاب المقدس (٢٥) وأخذ الإقطاع ينتشر، وأخذت حرية المدن وحكوماتها البلدية في