التبعات بوصفهم أفراداً. وأيا كان السبب فإن "الغوغاء أنفسهم قد عاقبوا الضالين قبل أن تشرع الكنيسة في اضطهادهم بزمن طويل"(٤١) بل لقد كان الأهلون المتدينون يشكون لين الكنيسة المفرط مع الضالين (٤٢)، وكانوا في بعض الأحيان "يختطفون المنشقين من أيدي القساوسة الذين يحمونهم"(٤٣)، وشاهد ذلك ما كتبه قس من فرنسا الشمالية إلى إنوسنت الثالث يقول:"لقد بلغ من تقوى الناس هذه البلاد أنك لا تراهم على استعداد لأن يبعثوا إلى موضع الحرق بمن ثبت ضلالتهم فحسب، إنهم ليبعثون إليه فوق ذلك بكل من يظنونه ضالا"(٤٤)، وحدث في عام ١١١٤ أن زج أسقف سواسون ببعض الضالين في سجن، لكن العامة انتهزوا فرصة غيابهم "خافوا أن يصطنع رجال الدين معهم "فهجموا على السجن وجردوا الضالين منه وحرقوهم أحياء (٤٥). وأصر العامة في ليبج عام ١١٤٤ على أن يحرق بعض الضالين الذين كان الأسقف أدلبرو Adlbero لا يزال يأمل في هدايتهم (٤٦). ولما قال بيير ده بروي Birre de Bruys " إن القساوسة يكذبون حين يدعون أنهم يصنعون جسم المسيح"(وهم يصنعون القربان المقدس) وأحرق كومة من الصلبان في يوم الجمعة الحزينة، قتله العامة في مكانه وأحرقوه لساعته (٤٨).
واشتركت الدولة على كره منها في اضطهاد الضالين لأنها كانت تخشى ألا تستطيع الحكم بغير مساعدة الكنيسة التي تغرس في قلوب الناس عقيدة دينية موحدة. يضاف إلى هذا خوفها أن يكون الضلال الديني ستاراً يخفي وراءه التطرف السياسي، ولم تكن في ظنها هذا مخطئة على الدوام (٤٩). وقد يكون للاعتبارات المادية أثر في هذا الشأن لأن الضلال الديني أو السياسي كان يعرض للخطر أملاك الكنيسة والدولة، ولهذا، كان الرأي العام بين الطبقات العليا - مع استثناء لانجو يدك مرة أخرى - يطلب إلى الدولة أن تقضي على الضلال مهما كفها ذلك (٥٠). ولهذا أمر هنري السادس إمبراطور ألمانيا (١١٩٤)