للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للأساقفة. وإنا ليصعب علينا أن نسمي هؤلاء الأساقفة باحثين، لأنهم كانوا ينتظرون الشائعات العامة أو الضجيج الذي يدلهم على الضالين، فيستدعونهم ولكنهم يصعب عليهم أن يحملوهم بطريق التحقيق على الاعتراف بذنوبهم. ولم يكونوا يرتضون أن يلجئوا إلى التعذيب، فكانوا لذلك يعمدون إلى طريق التحكيم الإلهي، وهم مخلصون في ظاهر الأمر في اعتقادهم أن الله سيرسل المعجزات لحماية البريئين. وأيد القديس برنار هذه الوسيلة ووصفها مجلس من الأساقفة عقد في ريمس (١٢٥٧) بأنها إجراء عادي في محاكمة الضالين، ولكن إنوسنت الثالث حرمها. وساء البابا لوسيوس الثالث إهمال الأساقفة في محاربة الضلال، بأن يزوروا أسقفياتهم مرة في كل عام على الأقل، وأن يقبضوا على كل من تحوم حولهم الشبهات وأن يسلكوا كل من لا يقسم يمين الولاء التام للكنيسة في زمرة الضالين (وقد رفض الكاثاري أن يقسموا هذا القسم)، ثم عليهم بعد ذلك أن يسلموا هؤلاء العصاة إلى ولاة الأمور المحليين. وخول مندوبو البابا حق خلع الأساقفة الذين يتوانون في القضاء على الضلال (٥٤). وطلب إنوسنت الثالث في عام ١٢١٥ إلى جميع ولاة الأمور المدنيين أن يقسموا علماً بأن "يبيدوا من الأراضي الخاضعة لطاعتهم جميع الضالين الذين عينتهم الكنيسة ليلقوا ما يستحقون من العقاب" فإذا لم يفعلوا هذا كانوا هم أنفسهم ضالين. وكل أمير يهمل في أداء هذا الواجب يخلع ويعفي البابا رعاياه من طاعته (٥٥) ولم يكن " العقاب الذي يستحقونه" حتى ذلك الوقت يزيد على النفي ومصادرة الأملاك (٥٦).

ولما ارتقى جريجوري التاسع عرش البابوية (١٢٢٧) وجد أن الضلال آخذ في الازدياد رغم المحاكمات الشعبية، والحكومية، والأسقفية. فقد كانت جميع بلاد البلقان، وكان الجزء الأكبر من إيطاليا، وغير قليل من فرنسا، كانت هذه البلاد مرتعاً للزيغ والضلال، حتى لقد أضحت الكنيسة، ولما يمض على