وكان المبلغون الكاذبون يعاقبون أشد العقاب (٦٧)، ولم يكن يسمح للمتهمين قبل عام ١٣٠٠ بأن يستعينوا بأية معونة قانونية (٦٨)، أما بعد عام ١٣٥٤ فقد صدر مرسوم بابوي يحتم على المحققين ألا يعرضوا أدلة الإثبات على الأسقف وحده بل أن يعرضوها عليه وعلى رجال من ذوي السمعة الطيبة في الإقليم، وأن يصدروا حكمهم بما يتفق مع آرائهم (٦٩). وكانت هيئة من الخبراء (perite) تدعى في بعض الأحيان لتبدي رأيها في الأدلة. وقصارى القول أن الأوامر الصادرة إلى المحققين كانت تنبههم إلى النجاة المذنب من العقاب خير من إدانة البريء، وأن من واجبهم أن يحصلوا إما على دليل واضح أو اعتراف صريح.
وكان القانون الروماني القديم يجيز الالتجاء إلى التعذيب للحصول على الاعتراف، ولم تكن هذه الطريفة تتبع في المحاكم الأسقفية، أو في السنين العشرين الأولى من سني محاكم التحقيق، غير أن إنوسنت الرابع (١٢٥٢) أجازها حيث يكون القضاة واثقين من جرم المتهم، ثم أجازها من جاء بعده من الأحبار (٧٠). ولكن البابوات كانوا ينصحون بأن يكون التعذيب آخر ما يلجأ إليه مع المتهمين، وألا يلجأ إليه إلا مرة واحدة، "وألا يصل إلى ما يؤدي إلى فقد عضو من الأعضاء أو إلى خطر الموت". وفسر المحققون عبارة "مرة واحدة" بأنها تعني مرة واحدة في كل محاكمة، فكانوا لذلك يقطعون التعذيب في بعض الأحيان ليواصلوا المحاكمة، ويرون بعدئذ أن من حقهم تعذيب المتهم. وكان التعذيب يستخدم في كثير من الأحيان لإغرام الشهود على أداء الشهادة، أو لإجبار الضال المعترف على الإدلال بأسماء غيره من الضالين (٧١). وكان من أنواعه الجلد، والكي بالنار، والتعذيب بالعذراء، والسجن الانفرادي في جب مظلم ضيق، وكانت قدما المتهم توضعان أحيانا على الفحم المتقد، أو كان يشد إلى إطار على شكل مثلث ثم تجذب يداه وساقاه بالحبال الملفوفة حول آلة لاوية. وكان طعام السجين يقلل أحياناً حتى يضعف