للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جماعة عسكرية من النبلاء المتمسكين بالدين لتأييد محكمة التحقيق، واشتبك معهم البارتيون في معارك دموية في الشوارع ولكنهم هزموا فيها (١٢٤٥)، ثم أخفت الضلالة في فلورنس رأسها فيما بعد، وحدث في عام ١٢٥٢ أن اغتال بعض الضالين الراهب بيرودافرونا Piero da Verona في ميلان، فلما قتل سلكته الكنيسة في عداد القديسين الشهداء وأسمته الشهيد بطرس، وكان لعملها هذا الأثر في مقاومة الضلالة في شمالي إيطاليا أكثر مما كان لجميع فظائع المحققين. وشنت البابوية حروباً صليبية على إزلينو وبلافنسينو، وقضى على أولها في عام ١٢٥٩ وعلى الثاني في عام ١٢٦٨، وبهذا كان انتصار الكنيسة في إيطاليا نصراً حاسماً في ظاهر الأمر.

ولم تثبت محكمة التحقيق قدمها في إنجلترا. نعم إن هنري الثاني حرص على إثبات تمسكه بدينه في أثناء نزاعه مع بكت بأن جلد واحداً وعشرين من الضالين وكواهم بالنار في أكسفورد عام ١٢٦٦ (٨٤). ولكننا لا نكاد نسمع عن ضلالة في إنجلترا قبل أيام ويكلف Wycalf. وفي ألمانيا ترعرعت محكمة التحقيق وأقدمت على أعمال جنونية زمناً قصيراً، ثم ماتت. فقد حدث في عام ١٢١٢ أن أحرق هنري أسقف أسترسبرج ثمانين ضالاً في يوم واحد، وكان معظمهم ولديين، وأعلن زعيمهم القس يوحنا عدم إيمانه بالغفران، وبالمطهر، وببقاء رجال الدين بلا زواج، وقال إن رجال الدين يجب إلا تكون لهم أملاك. وفي عام ١٢٢٧ عين جريجوري التاسع كنراد Gonard قس ماربرج Marburg رئيساً لمحاكم التحقيق في ألمانيا وأمره ألا يكتفي بالقضاء على الضلال، بل أن يصلح أحوال رجال الدين بعد أن وصمهم البابا بالفساد، وقال إن فسادهم هو أهم أسباب ضعف الإيمان بين الناس. واضطلع كنراد بكلا الواجبين بمنتهى القسوة، وخير كل من اتهموا بالضلال بين واحدة من اثنتين: إما الاعتراف فالعقاب، أو الإنكار فالموت حرقاً. ولما أن سار في إصلاح رجال الدين على