والد الزوجة يعطيها في مقابل ما يتقاضاه ثمناً لها بائنة- وهو نظام يفيد أعظم فائدة في تضييق الثغرة الفاصلة بين نضج الأبناء الجنسي ونضجهم الاقتصادي في حضارة المدن، وهي ثغرة مفككة للمجتمع.
وإذا كان الرجل ثرياً أبيح له أن يتزوج بأكثر من واحدة؛ وإذا كانت الزوجة عاقراً، مثل سارة، أشارت على زوجها بأن يتخذ له خليلة. وكان الهدف الذي ترمي إليه هذه السنن هو تكثير النسل. وكان طبيعياً لديهم أن تقدم راحيل وليئة خادماتهما إلى يعقوب بعد أن ولدتا له كل ما تستطيعان أن تلدا من الأبناء، لكي يلدن له هن أيضاً أبناء (١٨٨). ولم يكن يسمح للمرأة بأن تظل عقيماً؛ ومن أجل ذلك فإن الأخ إذا مات أخوه كان يحتم عليه أن يتزوج أرملته مهما كان عدد زوجاته؛ فإذا لم يكن للميت أخ فرض هذا الواجب على أقرب الأحياء من أسرته (١٨٩). ولما كانت الملكية الفردية أساس النظام الاقتصادي اليهودي فقد كان لكل من الرجل والمرأة معيار خلقي خاص. فللرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، أما المرأة فكانت تختص برجل واحد. وكان معنى الزنى عندهم اتصال رجل بامرأة ابتاعها رجل آخر بماله؛ ومن أجل ذلك كان اتصاله بها اعتداء على قانون الملكية تعاقب عليه المرأة والرجل بالإعدام (١٩٠). وكان الفسق محرماً على المرأة غير المتزوجة، أما الرجل غير المتزوج فقد كان عمله هذا ذنباً يغتفر له (١٩١). وكان الطلاق مباحاً للرجل، ولكنه كان قبل أيام التلمود من أشق الأمور على المرأة (١٩٢). ويلوح أن الزوج لم يسرف في إساءة استعمال ماله من ميزة على المرأة في هذه الناحية، فهو يصور لنا على أنه في الجملة إنسان مخلص لزوجته وأبنائه، غيور عليهم، وكثيرا ما كان الزواج يثمر حبَّاً وإن لم يكن الحب هو الذي يقرر الزواج. "وأخذ إسحق رفقة فصارت له زوجة وأحبها، فتعزى إسحق بعد موت أمه"(١٩٣). ولعل الحياة في الأسرة لم تصل في أي شعب آخر- إذا استثنينا شعوب الشرق الأدنى- إلى ذلك المستوى الراقي الذي وصلت إليه عند اليهود.