هذا الدنس لا تستطيع النساء الصالحات أن يخرجن إلى الشوارع وهم آمنات على أنفسهم (١٨). وكتب القديس أوغسطين يقول:"إذا منعت العاهرات والمواخير، اضطربت الدنيا من شدة الشبق"(١٩)، ووافقه على ذلك القديس تومس أكويناس (٢٠). وكان في لندن في القرن الثاني عشر صف من "المواخير" بالقرب من جسر لندن. وقد أجاز أسقف ونشستر في بادئ الأمر قيامها، ثم صدق البرلمان على قيامها فيما بعد (٢١). وقد حرم القانون الذي أصدره البرلمان عام ١١٦١ على صاحبات بيوت الدعارة أن يأوين فيها نساء يعانين آلام "الضعف الخطر من الاحتراف" - وهذا أول ما عرف من التشريع ضد انتشار أمراض السرية. وقرر لويس التاسع في عام ١٢٥٤ نفي جميع العاهرات من فرنسا، ونفذ هذا القرار فعلا، ولكن الدعارة السرية لم تلبث أن حلت محل التجارة العلنية، حتى أهل الطبقات الوسطى من أنه يكاد من المستحيل حماية الفضيلة لدى زوجاتهم ونسائهم من إلحاح الجنود والطلاب. وعن انتقاد هذا القرار في آخر الأمر حتى ألغي في عام ١٢٥٦. وحدد المرسوم الجديد الأماكن التي تستطيع فيها العاهرات أن يسكن ويمارسن مهنتهن في باريس، وحدد أيضاً ملابسهن وزينتهن، وأخضعهن لرقابة رئيس من رؤساء الشرطة يسمى ملك القوادين أو المتسولين أو الأفاقين Roi de Ribauds (٢٣) . ونصح لويس التاسع وهو يحتضر ولده أن يعيد المرسوم الذي قضى بنفي العاهرات، ونفذ فليب وصيته، وكانت النتيجة هي النتيجة السابقة نفسها، وبقى القانون مدوناً في سجل الشرائع الفرنسية ولكنه لم ينفذ (٢٤). وكان في روما، كما يقول الأسقف دوران الثاني المندى Bishop Durand II of Mende (١٣١١) ، مواخير بالقرب من الفاتيكان، وقد أجاز رجال البابا إقامتها نظير ما يتقاضون من الأجور (٢٥). وكانت الكنيسة تظهر العطف على العاهرات، وأقامت ملاجئ للتائبات من النساء ووزعت على الفقيرات الصدقات التي كانت تتلقاها من العاشقات التائبات (٢٦).