المجرم أن يفر إليها، فإذا فعل كان على ولي الدم أن يؤجل ثأره (٢١٣).
وفي وسعنا أن نقول بوجه عام أن المبدأ الذي كان يقوم عليه العقاب هو قانون القصاص:"وإن حصلت أذية تُعطى نفساً بنفس، وعيناً بعين، وسناً بسن، ويداً بيد، ورجلاً برجل، وكيَّاً بكي، وجرحاً بجرح، ورضَّاً برض (٢١٤). وما من شك في أن هذه المبادئ كانت ُمثلاً ُعليا لم تتحقق كلها على الوجه الأكمل، وإذا شئنا أن نقول كلمة عامة عن قانون اليهود الجنائي، قلنا إن هذا الجزء من القانون لا يفضل قانون حمورابي، وإن كان قد كُتب بعده بألف وخمسمائة سنة على الأقل. أما من حيث تنظيم القضاء نفسه فإن فيه رجوعاً كثيراً إلى الوراء، لأنه يعود بهذا التنظيم إلى السيطرة الكهنوتية البدائية.
ويتضح لنا من الوصية العاشرة كيف كانوا ينظرون إلى المرأة على أنها جزء من متاع الرجل: "لا تشته امرأة قريبك، ولا عبده ولا أمته، ولا ثوره ولا حماره، ولا شيئاً مما لقريبك" (٢١٥). ولكنها مع هذا كانت تحوي مبادئ قيمة عظيمة، لو تقيد الناس بها لنجا العالم من نصف ما فيه من قلق واضطراب. ومن أعجب الأمور أن أفضل الوصايا كلها لم تكن بين هذه الوصايا العشر، وإن كانت جزءاً من "الشريعة" الموسوية. ونقصد بذلك ما ورد في الآية الثامنة عشرة من الأصحاح التاسع عشر من سفر اللاويين تائهاً بين "طائفة من القوانين المتكررة المختلفة الأنواع" ولا يزيد نصها على هذه العبارة: "تحب قريبك كنفسك".
وقصارى القول أن الوصايا العشر شريعة سامية، فيها من العيوب ما لا يزيد على عيوب العصر الذي وضعت فيه، ولكن فيها من الفضائل ما لا يوجد في غيرها من الشرائع. ومن واجبنا أن نذكر على الدوام أنها كانت قانوناً لا أكثر، بل أن نذكر فوق هذا أنها كانت: "طوبى كهنوتية" (٢١٦)، ولم تكن وصفاً صادقاً للحياة اليهودية. وكانت ككل