وكان عقاب الزنا قاسياً، مثال ذلك أن أقل ما كان يحكم به القانون السكسوني على الزوجة التي تخون زوجها هو جدع أنفها وصلم أذنيها، وأجاز لزوجها أن يقتلها ولكن الزنا كان منتشراً رغم هذه العقوبات الشديدة وأمثالها (٣٥)، وكان أقل ما يكون انتشاراً بين الطبقات الوسطى، وأكثر ما بين الأشراف. فكان سادة الإقطاع يغوون رقيقات الأرض ولا يحكم عليهم بغرامة قليلة: فمن "وطئ بنتاً من غير شكرها" -أي رغم إرادتها- أدى للمحكمة ثلاث شلنات (٣٦). ويقول فريمان Freeman إن القرن الحادي عشر "كان عصراً فاسقاً"، وكان يعجب من وفاء وليم الفاتح الظاهري لزوجته (٣٧) وهو وفاء لا يستطيع أن يعزو مثله لأبيه، ويقول تومس رايت Thomas Wright الأريب إن "مجتمع العصور الوسطى كان مجتمعاً فاسد الأخلاق فاجراً"(٣٨).
وكانت الكنيسة تجيز انفصال الزوجين بسبب الزنا، أو الارتداد عن الدين، أو القسوة الشديدة وكان هذا الانفصال يسمى divortium ولكن معناه لم يكن إبطال الزواج، أما هذا الإبطال فلم يكن يمنح إلا إذا ثبت أن الزواج قد خالف أحد الموانع الشرعية التي نص عليها قانون الكنيسة. ويبعد أن تكون هذه الموانع قد ضوعف عددها عن قصد لكي يستعين على الطلاق من يستطيعون أداء الرسوم والنفقات الضخمة التي يتطلبها إبطال الزواج، بل إن الكنيسة كانت تستخدم هذه الموانع استخداماً حكيماً مرناً في الظروف الاستثنائية التي يرجى أن يؤدى الطلاق فيها إلى وجود وارث إلى ملك لم ينجب أبناء، أو يكون من ورائه فائدة أخرى للسلم أو السياسة. وكان القانون الألماني يجيز الطلاق في حالة الزنا، بل كان يجيزه في بعض الأحيان إذا اتفق عليه الطرفان (٣٩). وكان