في فرنسا سنتي ١١٤٩ و ١٣٠٦ - لتنظم ما ينفقه الناس على ملابسهم حسب ثرواتهم وطبقاتهم. وكانت حاشية السيد العظيم، أو جماعة الفرسان التابعين له، تلبس في المناسبات والأعمال الرسمية أثواباً يهديها هو إلى أفرادها مصبوغة باللون المحبب له أو الذي يميزه عن غيره، وكانت هذه الحلل الخاصة تسمى بالفرنسية Iivéé (وبالإنجليزية Iivery) ومعناها الموزعة لأن السيد كان يوزعها (deliver) مرتين في العام. على أن الأثواب الجيدة في العصور الوسطى كانت تعمل لتبقى مدى الحياة، ومنها ما كان يعني أصحابه بالنص إلى من تؤول إليه في وصيته.
وكانت نساء الطبقات العليا يلبسن قميصاً طويلاً من التيل، ومن فوقه جلباب أو مئزر ذو حواش من الفراء يصل إلى حد القدمين ويعلوه قميص نصفي يبقى منفرج الطرفين إذا لم يكن في الدار غرباء، ولكنه يربط طرفاه إذا جاء البيت زوار، وذلك لأن جميع النساء المتأنقات يتقن إلى أن يظهرن نحيلات القوام، وقد يتمنطقن بمناطق مرصعة بالجواهر، ويمسكن بكيس من الحرير، ويلبسن بأيديهن قفازاً من جلد الشموا. وكثيراً ما كن يضعن الأزهار في شعرهن، أو يخطنه بخيوط من الحرير ذات الجواهر. وكانت بعض السيدات يثرن غضب رجال الدين، وغضب أزواجهن بلا ريب، بأن يلبسن قبعات طويلة مخروطية مزدانة بقرنين، وقد جاء على النساء حين من الدهر كانت فيه المرأة غير ذات القرنين هدفاً لسخرية الساخرين (٩٦). وأصبحت الكعاب العالية في أواخر العصور الوسطى هي الطراز المحبب، وكان الناقدون الأخلاقيون يشكون من أن النساء كثيراً ما يرفعن أطراف أثوابهن بوصة أو بوصتين ليظهرن أرساغهن وأحذيتهن الظريفة، أما سيقان النساء فلم يكن يبصرها إلا الأخصاء، وكانت رؤيتها غالية الثمن. وقد ندد دانتي بنساء فلورنس لظهورهن علناً في ثياب "تكشف عن صدورهن وأثدائهن"(٩٧). وكانت ثياب النساء في حفلات