للطاعمين، وكان الآكل يستخدم سكينه الخاصة. وكانت الأكواب، وأطباقها والصحاف تصنع عادة من الخشب (١١٢)، ولكن سادة الإقطاع والأغنياء من الطبقة الوسطى كانت لهم صحاف من الخزف أو من مزيج القصدير والرصاص ومنهم من كان يضع على المائدة أدوات من الفضة، بل إنها كانت تتخللها آنية من الذهب في بعض الأحيان (١١٣). وقد تضاف إلى هذه الآنية صحاف من الزجاج، وصحفة أخرى كبيرة من الفضة في صورة سفينة، تحتوي أنواعا من التوابل، وسكين صاحب الدار وملعقته. وكان كل اثنين من الآكلين يعطيان قطعة كبيرة من الخبز، مستوية، ومستديرة، وسميكة، يضع عليها كل واحد اللحم والخبز يأخذهما بأصابعه من الصحفة العامة التي يدار بها عليه. وكان الطاعم يأكل هذه القطعة بعد نهاية الطعام أو تعطى إلى الكلاب والقطط التي يغص بها المكان، أو ترسل إلى الفقراء من الجيران. وكانت الوجبة العظيمة تختم بالتوابل والحلوى، ثم النبيذ.
وكان الطعام موفوراً، أو متنوعاً، وحسن الإعداد، ألا أن انعدام وسائل التبريد سرعان ما كان يفسد اللحم، ويملى من شأن التوابل التي يستطاع بها حفظه أو إخفاء تلفه. وكانت بعض هذه التوابل تستورد من بلاد الشرق ولكن غلو ثمنها كان يجعل الناس يزرعون غيرها في حدائق البيوت - ومن هذه البقدونس، والخردل، والقصعين، واليانسون، والثوم، والشبت … وكانت كتب الطهو كثيرة ومعقدة، وكان الطاهي في المنزل العظيم رجلا عظيم الشأن يحمل على كتفيه كرامة البيت وسمعته، وكانت لديه طائفة كبيرة من الأوعية النحاسية، وآنية الغلي، والقدور، وكان يفخر بما يقدمه من الأصناف التي تسر العين وتلذ الفم. وكان اللحم، والدجاج، والبيض رخيصا (١١٤)، وإن كان ثمنها مع ذلك يضطر الفقراء إلى الاقتصاد على الحضر وهم كارهون (١١٥). وكان الفلاحون يطعمون الخبز الأسمر الخشن المصنوع من دقيق الشعير، والشوفان،