المنقوشة في الفسيفساء البيزنطية، وتسخر من خوف الساميين من الصور والتماثيل، ولهذا حولت الزخارف المحضة إلى صور الملاك الباسم التي تشاهد في كنيسة ريمس الكبرى، وإلى صورة العذراء الذهبية في أمين Amiens، وهكذا غلبت بهجة الحياة خوف من الفن القوطي.
وكان الرهبان هم الذين حافظوا على الأساليب الفنية في الفن الروماني، واليوناني، والشرقي، ونشروها، كما حافظو على الآداب اليونانية والرومانية القديمة. ذلك أن الأديرة لحرصها على أن تستقل بذاتها دربت النازلين فيها على فنون الزخرفة كما دربتهم على الحرف العملية. فقد كانت كنيسة الدير تطلب مذبحاً، وأثاثاً للمحراب، وكأساً للقربان، وصندوقاً وعلباً لحفظ المخلفات، وأضرحة، وكتلاً للصلاة، وماثلات، وقد تتطلب نقوشاً من الفسيفساء، وصوراً على الجدران، وتماثيل وصوراً تبعث التقى في القلوب، وكان الرهبان يصنعون معظم هذا بايديهم، بل إنهم هم الذين يخططون الدير ويبنونه، كما فعل البندكتيون بدير مونتي كسينو الذي لا يزال قائماً إلى اليوم شاهداً على ما بذلوه في بنائه من جهود. وكانت في معظم الأديرة مصانع واسعة، مثال ذلك أن برناردي تيرون Bernard de Tiron أنشأ بيتاً دينياً جمع فيه على ما يقولون " صناعاً في الخشب والحديد، ونحاتين، وصائغين، ونقاشين، وبنائين … وغيرهم من العمال الحاذقين جميع الأعمال الدقيقة"(١). ولقد كانت المخطوطات المزخرفة التي كتبت في العصور كلها تقريباً من عمل الرهبان، وكانت أرق المنسوجات من صنع أيدي الرهبان، والراهبات، وكان المهندسون المعماريون الذين شادوا الكنائس على الطراز الروماني في عهدها الأول رهباناً (٢)، وأمد دير كلوني غرب أوربا في القرن الحادي عسر وبداية القرن الثاني عشر بالمهندسين المعماريين وبكثير من المصورين والمثالين (٣)، وكان دير القديس دنيس في القرن الثالث عشر مركزاً جم النشاط لمختلف الفنون. بل إن أديرة السترسيين نفسها، وهي التي أوصدت أبوابها دون أعمال الزخرفة في