تزيين كنيسة القديس مرقس بالفسيفساء قبل عام ١٤٥٠، وإن الرسم الفسيفسائي المنقوش في القبة الوسطى في القرن الثاني عشر، والذي تمثل صعود المسيح لهو أسمى ما بلغه هذا الفن، ويقرب منه في روعته النقش الفسيفسائي الذي يمثل يوسف والموجود في قبة البهو. ولقد ظل النقش الفسيفسائي الرخامي الموجود في طوار الكنيسة مدى سبعمائة عام يقاوم خطى بني الإنسان.
وفي الطرف الآخر من إيطاليا اتحد الفنانون اليونان والمسلمون صنع آيات النقش الفسيفسائي في صقلية النورمانية - في الكابلا بلتينا Capella Palatina وفي كنيسة مرترانا Martorana بمدينة بالرم Palermo وفي دير منريال Monreale وكنيسة شفالو Cefalu (١١٤٨) . وربما كانت الحروب البابوية التي شبت نارها في القرن الثالث عشر قد عاقت تقدم الفن في روما، ولكن نقوشاً فسيفسائية متألقة صنعت في ذلك القرن لتزدان بها كنائس سانتا ماريا ماجوري Santa Maria Maggiore وسانتا ماريا تراستفيري Trastevere والقديس يوحنا في لاتران "والقديس بولس خارج الجدران". وكان فنان إيطالي هو الذي وضع تصميم النقش الفسيفسائي لكنيسة التعميد في فلورنس، ولكن هذا النقش لا يبلغ من الروعة ما بلغته أعمال الفنانين اليونان في البندقية أو صقلية. وكان لدير سوجر في سانت دنيس (١١٥٠) أرضية فسيفسائية فخمة احتفظ ببعض أجزائها في متحف كلوني، وإن طوار دير وستمنستر (حوالي عام ١٢٨٨) لمزيج من الظلال الفسيفسائية يثير الدهشة والإعجاب غير أن فن الفسيفساء لم يزدهر قط في شمال جبال الألب، فلقد طغى عليه في تلك البلاد الزجاج الملون كما طغت عليه في إيطاليا نفسها حتى كادت تخرجه منها الصور الجدارية حين أقبل على هذا الفن دتشيو Duccio وسيمابيو Cimabue، وجيتو.