نفسها، وجعلت هذه الضلوع قوية حتى يلقى الضغط السفلي على نقط معينة- هي دعامات الصحن أو الجدار. ولقد أضحت القبة ذات الأضلاع والعقود المتقاطعة من أهم ما تمتاز به عمارة العصور الوسطى في أعلى درجاتها.
وعولجت مشكلة ارتكاز البناء العلوي فوق هذا بجعل صحن الكنيسة أعلى من طرقاتها، وبهذا كان سقف الطرقة، هو والجدار الخارجي، بمثابة دعامة لقبة الصحن، وإذا ما بنيت فوق الطرقة نفسها قبة، فإن عقودها المضلعة تلقي نصف ثقلها إلى الداخل لتقاوم بذلك الضغط الخارجي للقبة الوسطى عند أضعف نقط في دعامات الصحن. ويضاف إلى هذا أن جزء الصحن الذي يعلوا عن سقف الطرقات يصبح في الوقت نفسه بمثابة طابق أعلى ترتفع نوافذه فوق مستوى البناء المجاور له، فتكون بذلك غير محجوبة وتضيء صحن الكنيسة. وكانت الطرقات نفسها تقسم عادة إلى طابقين أو ثلاثة أطباق تكون أعلاها شرفة، وتسمى التي أسفل منها ذات الأبواب الثلاثة لأن المسافات التي بين العقود والتي تواجه بها الصحن كانت تقسم عادة إلى "ثلاثة أبواب" بعمودين يقومان فيها. أو كان ينتظر من النساء في الكنائس الشرقية أن يصلين في ذلك المكان وأن يتركن الصحن كله للرجال.
وهكذا قامت الكثدرائية مرحلة في إثر مرحلة خلال عشرة أعوام أو عشرين عاماً أو مائة عام، تتحدى قوة الجاذبية لتمجد الله سبحانه. فإذا تمت وأصبحت معدة للصلاة دشنت باحتفال ديني فخم، يجتمع فيه كبار الأحبار وذوو المقام العالي، والحجاج، والنظارة، وجميع أهل المدينة ما عدا القرويين غير المتدينين. وتمضي عدة سنوات بعد ذلك لتكملة ما تحتاج إليه من الإضافات في الداخل والخارج وإضافة ألف من الزخارف وضروب التحلية. ويظل الناس قروناً طوالاً يقرءون على أبوابها، ونوافذها، وتيجان أعمدتها وجدرانها ما حفر أو صور عليها من تاريخ دينهم وقصصه- يقرءون قصة خلق العالم، وسقوط آدم، ويوم