وكان توزيع التوتر أعظم أهمية في العمارة القوطية من العقد المستدق، ولكن هذا العقد أصبح هو السمة الخارجية الظاهرة للرشاقة الداخلية. وكان العقد المستدق هذا من الأشكال القديمة، فهو يظهر في ديار بكر بتركيا مقاماً فوق عمد رومانية لا يعرف لها تاريخ، وأقدم مثل له معروف التاريخ في قصر اين وردان ببلاد مشام، ويرجع تاريخه إلى عام ٥٦١ (٦)، ويوجد هذا الشكل في قبة الصخرة في المسجد الأقصى ببيت المقدس، وهو من مباني القرن السابع، كما يوجد في مقياس للنيل بمصر أنشئ في عام ٨٧٩، وكثيراً ما كان يقينه الفرس؛ والعرب، والأقباط، والمغاربة المسلمون قبل أن يبدأ ظهوره في أوربا الغربية في النصف الثاني من القرن الحادي عشر (٩). ولعلة جاء إلى فرنسا الجنوبية من أسبانيا الإسلامية، ولعله جاء به الحجاج العائدون من بلاد الشرق، أو لعله نشأ في بلاد الغرب من تلقاء نفسه ليحل مشاكل آلية في تصميم العمارة. على أننا يجب أن نلاحظ أن مشكلة الوصول بعقود ذات أطوال مختلفة إلى تاج مستو يمكن أن تحل من غير الالتجاء إلى العقد المستدق، وذلك بتعلية النقطة التي يبدأ عندها من العامة أو الجدار في الداخل. وقد كان لهذه الطريقة أيضاً أثرها الجمالي لأنها تبرز الخطوط الرأسية، ولهذا استخدمت على نطاق واسع، وقلما كانت تتخذ بديلا من العقد المستدق بل كانت كثيرة الاستعمال مع هذا العقد لتقوية ومساعدته على أداء وظيفته. وحل العقد المستدق مشكلة أخرى: ذلك أنه لما كانت الطرقات الجانبية أضيق من صحن الكنيسة فإن فرجة الطرقة كان يزيد طولها على عرضها، ولهذا فإن تيجان عقودها المستعرضة تكون أقصر كثيراً من عقود قطريها، إلا إذا كانت العقود المستعرضة مستدقة أو إذا رفعت النقطة التي تبدأ عندها هذه العقود من الداخل ارتفاعاً يحول بين تناسقها مع القطرين. وقد كان العقد المستدق حلا لتلك العملية الصعبة عملية إقامة قبة من عقود ذات تاج