للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعتبات للأبواب والنوافذ العليا، وحليات شبكية، وقوائم أكتاف الأبواب والنوافذ. وكان يمثل بالحجارة ضحكة مع الحيوانات العجيبة والمرعبة التي ابتدعها خياله لتكون ميازيب (١) تبعد المطر الذي يلوث المباني عن الجدران، أو تجره إلى الأرض خلال المساند. ولم تجتمع في غير هذا الفن الثروة، والمهارة، والتقى، والفكاهة العارمة، لتوجد مثل هذه الكثرة من الزخارف التي تتكشف عنها الكثدرائية القوطية. ولسنا ننكر أن هذه الزخارف كانت في بعض الأحيان مسرفة في كثرتها، وأن الخطوط الزخرفية قد أسرف فيها إسرافاً جعلها هشة، وأن التماثيل وتيجان العمد كانت بلا ريب براقة بطلائها الذي محاه كر الدهور. ولكن هذه هي سمات الخصوبة الحيوية التي تكاد تغتفر معها كل الخطاء. ولقد يلوح لنا ونحن نجول بين هذه الآجام والحدائق الحجرية أن الفن القوطي كان، على الرغم من خطوطه وأبراجه الرفيعة الشامخة، فنا مغرما بالأرض، فنحن نستشف بين أولئك القديسين الذين ينادون بباطل، الأباطيل، وهول يوم الحساب القريب، صورة فنان العصور الوسطى، المعجب بحذقه، المبتهج بقوته، الساخر من اللاهوت والفلسفة، الذي يستمتع بشرب كأس الحياة المترعة ذات الحبب حتى الثمالة.


(١) gargoyles أو حلوق صغيرة. (المترجم)