قام بهذه العملية عشرون مطراناً، وشهد الحفل ملك فرنسا، وملكتها، ومئات من الفرسان، وحق لسوجر أن يشعر بأنه نال بهذا العمل تاجاً من أجل تاج أي من الملوك.
ولم يبق في الصرح القائم هذه الأيام إلا أجزاء من كنيسته: وهي الواجهة الغربية، وفرجتان في الصحن، والمصليات التي تعلو على جانب الطرقات، وقبو الكنيسة. أما الجزء الأكبر داخل الكنيسة فهو بناء معاد قام به بيير ده منتريه Pierre de Montreux بين عامي ١٢٣١، ١٢٨١. والقبو من الطراز الرومنسي، أما الواجهة الغربية فتختلط فيها العقود المستديرة والمستدقة، ومعظم تماثيلها المنحوتة من عهد سوجر، وتشمل ما لا يقل عن مائة صورة، كثير منها فردي الطابع، وكلها تدور حول أحسن فكرة عن المسيح القاضي نشاهدها في كل ما أنتجه فن العصور الوسطى.
وبعد اثنتي عشرة سنة من وفاة سوجر كرمه الأسقف موريس دي سلي Maurice de Sully بأن أدخل التحسين على ماتركه من قواعد، وقامت كنيسة نوتردام دي باري Notre Dame de Paris على جزيرة في نهر السين. وإن التواريخ المتصلة ببنائها لتوحي بضخامة العمل الذي استلزمه تشييدها، فقد بنى موضع المرنمين والأجنحة التي على جانب الطرقات بين عامي ١١٦٣ و ١٨٢، وبني الصحن من ١١٨٢ إلى ١١٩٦، وأقيمت الأجزاء التي بين الأعمدة والأبراج فيما بين ١٢١٨ و ١٢٢٣، وتم بناء الكثدرائية كلها في عام ١٢٣٥. وكان يقصد في تصميمها الأول أن تكون البواكي القائمة فوق العقود التي بين الصحن والطرقات على الطراز الرومنسي، ولكن البناء كله اتخذ عند إتمامه الطراز القوطي. والوجهة الغربية أكبر مما تتطلبه الكثدرائية القوطية، ولكن سبب هذا أن الشماريخ التي كان في النية إقامتها فوق الأبراج لم تبن قط، ولعل هذا هو منشأ ما في الواجهة من هيبة ذات بساطة وقوة جعلت العلماء الأفذاذ