للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أسمى حلة من الفخامة مهما أنفق فيها من المال، وبحيث لا تستطيع جهود البشر ولا قواهم أن تبتكر شيئاً أياً كان، أو أن تتعهد بالقيام بشيء، يفوقها سعة وجمالاً، وأن يراعى في هذا العمل ما أعلنه أحكم الحكماء من المواطنين وأشاروا به في مجلسهم العام وفي اجتماعهم العام وهو ألا تمس يد أعمال المدينة إلا إذا كان في نية صاحبها أن يجعلها موائمة للروح النبيلة المؤلفة من أرواح جميع مواطنيها مجتمعة في إدارة موحدة (٣٢).

وأثار هذا التصريح الواسع الانتشار حماسة الجماهير، وهو الهدف المقصود به بلا ريب، فأخذوا يتبرعون بالمال. واشتركت نقابات الحرف الطائفية في تمويل المشروع، ولما أن تباطأت غيرها من النقابات فيما بعد تعهدت نقابة عمال الصوف بنفقات المشروع كله، وتبرعت لهذا الغرض بمبلغ ارتفع إلى ٥١،٠٠٠ ليرة ذهبية (أي ما يعادل ٩،٢٧٠،٠٠٠ دولار أمريكي) في العام (٣٣). ولهذا صمم أرنللو البناء على أبعاد ضخمة، فقدر ارتفاع القبة الحجرية بمائة وخمسين قدماً، أي بما يساوي ارتفاع قبة بوفيه، وقدر اتساع الصحن بمائتين وستين قدماً في خمس وخمسين، واعتزم أن تتحمل ثقل البناء جدران سميكة، وأربطة حديدية، وعقود في الصحن مستدق، اشتهرت بقلة عددها الذي لا يزيد على أربعة، وبامتدادها الهائل الذي يبلغ خمساً وستين قدماً في الطول وتسعين قدماً في العرض. وتوفي أرنللو في عام ١٣٠١، وظل العمل قائماً بعد وفاته وأدخل على تصميمه كثير من التعديل بإشراف جيتو، وأندريا بيزانو، وبرونلسكي Brnnellcschi وغيرهم، ولم تدشن هذه الكتلة الضخمة المشوهة من البناء إلا في عام ١٤٣٦ وغير اسمها إلى سانتا ماريا دي فيوري Santa Maria de Fiore. وهي صرح ضخم غريب المنظر استغرق تشييده ستة قرون، وغطى مساحة قدرها ٨٤. ٠٠٠ قدم مربعة، وتبين فيما بعد أنه يتسع لمستمعي سافونارولا Savonarola.