المتنقلة، واعتمد ثقل أبنيتها على جدران ودعامات ضخمة، وتمتد هذه العامات نفسيا حتى تكاد تصل إلى القبة، بدل أن تمتد ضلوع العقود من القاعدة إلى السقف، وهذه العمد العالية التي تقوم كالمردة الحجرية في كهوف الصحون الضخمة تكسب داخل الكنائس الأسبانية عظمة قاتمة مظلمة تخشع لها النفوس رهبة، على حين أن الطراز القوطي الشمالي يسمو بها لما يغمرها من ضوء. وكثيراً ما احتفظت الأبواب والنوافذ الطراز القوطي الأسباني بالعقود الرومنسية، كما احتفظت الزخارف المكونة من طبقات مختلفة ورسوم من الآجر الملون بعنصر إسلامي مغربي بين زخارفها القوطية، وبقي تأثير الطراز البيزنطي في القباب وأصاف القباب القائمة، ذات التقاسيم الثلاثية المتناسقة كثيرة الأضلاع. وهذه العناصر المختلفة هي التي أنشأت منها أسبانيا طرازاً من الكثدرائيات يعد من أجمل كثدرائيات أوربا.
وليست قصور الريف الحصينة وقلاعه، ولا جدران المدن وأبوابها، أقل الأعمال المعمارية في العصور الوسطى نبلاً وفخامة. فلا تزال جدران أفيلا قائمة إلى اليوم تشهد بإدراك العصور الوسطى لجمال الشكل، كما جمعت بعض الأبواب الكبيرة كباب الشمس Puerto de sol في طليطلة بين الجمال والمنفعة وكذلك أقام الصليبيون من ذكرياتهم للقلاع الرومانية، في الشرق الأدنى- ولعل ذلك كان أيضاً من ذكرياتهم لما شاهدوه من حصون المسلمين (٣٥) - حصوناً قوية ضخمة كحصن الكرك (١١٢١)، تفوق في حجمها وشكلها أية حصون من نوعها في ذلك العهد الحربي. وشادت بلاد المجر، حصن أوربا الحصين من المغول، قصوراً فخمة حصينة في خلال القرن الثالث عشر. ثم انتقل هذا الفن إلى بلاد الغرب وترك في إيطاليا آيات من الفن الحربي مثل برج فلتير Voltera الحصين، وفي فرنسا في القرن الثالث عشر قصور كوسي Coucy وبييرفون Pierrefonds، وقصر جويارد Chateau Guibard الذي شاده رتشرد قلب الأسد