وثلاثة من كتب الكندي، وكتابان لإسحاق إسرائيلي، وأربعة عشر كتاباً في الرياضة والهيئة عند العرب، وثلاث مجموعات من الأزياج الفلكية، وسبعة مؤلفات عربية في الهندسة والفلك؛ وقصارى القول أن ليس في التاريخ كله رجل أغنى بمفرده ثقافة لأخرى كما فعل جرار هذا. ولا يضارع جرار في عمله هذا إلا عمل حنين بن اسحاق، وعمل "بيت الحكمة" الذي أنشأه الميمون، وهما اللذان صبا العلوم والفلسفة اليونانية في القالب العربي.
ويلي أسبانيا في مجد الثقافات على هذا النحو مملكة الصقليتين النورمانية. ذلك ان حكام النورمان لم يكادوا يفتحون الجزيرة (١٠٩١) حتى استخدموا مترجمين ليقوموا بترجمة المؤلفات العربية واليونانية في الرياضة والهيئة المنتشرة في بالرم إلى اللغة اللاتينية. وواصل فردريك الثاني هذا العمل في فوجيا Foggia واستقدم إلى بلاطه للقيام به وبغيره من الأعمال عقلاً من اعجب العقول وأكثرها نشاطاً في أوائل القرن الثالث عشر ونعني بصاحب هذا العقل ميخائيل اسكت. وقد اشتق اسم هذا الرجل من موطنه الأصلي في إسكتلندة؛ وتراه في طليطلة عام ١٢١٧ وفي بولونيا عام ١٢٢٠، وفي روما من ١٢٢٤ إلى ١٢٢٧، ثم تراه بعدئذ في فوجيا أو نابلي. وكان أول ما ترجمه كتاب الأجسام الكروية للبطروحي وهو نقد كتاب بطليموس. واعجب اسكت لما يمتاز به تفكير أرسطو من حرية واتساع في الأفق فترجم إلى اللغة اللاتينية الترجمة العربية لكتاب تاريخ الحيوان لأرسطو بما فيه "أجزاء الحيوان" و "توالد الحيوان"، وتعزو إليه رواية غير محققة تراجم كتب "ما وراء الطبيعة"، و "الطبيعة" و"النفس"، و "والسموات"، ولعله ترجم كذلك كتاب "الأخلاق". ووصلت تراجم ميخائيل لكتب أرسطو إلى البرتس مجنس وروجربيكن، وكان لها اثر كبير في الحركة العلمية في القرن الثالث عشر، وواصل شارل صاحب أنجو مناصرة الترجمة في جنوبي إيطاليا، وعمد له في هذا العالم اليهودي موسى من أهل سلرنو، واكبر الظن أن