يجعل الجدل ممتعاً فتاناً كأنه العاب البرجاس. واذا كان يعيش في عام ١٣٠٠ فانه يجد في باريس ٧٠٠٠ طالب، وفي بولونيا ٦٠٠٠، وفي أكسفورد ٣٠٠٠ (١). وكان عدد طلاب جامعات باريس، وأكسفورد، وبولونيا، في القرن الثالث عشر يزيد عادةً على عددهم بعده، واكبر الظن أن سبب هذه الزيادة قلة الجامعات المنافسة لها، وكان الطالب الحديث تستقبله (أسرته) وقد ترشده إلى مسكن يعيش فيه- ربما كان مع أسرة فقيرة. وإذا كانت لها صلات قوية بالمسؤولين فقد يعطى سريراً ويترك مع غيره من الطلاب في حجرة في (بيت الطلبة) فتقل بذلك نفقاته. وكان الطالب في أكسفورد عام ١٣٧٤ يؤدي مائة شلن وأربعة شلنات (ألف دولار وأربعين دولار) في العام نظير مسكنه وطعامه وعشرين شلنات (أي مائتي دولار) أجراً لتعليمه وأربعين شلناً ثمناً لملابسه (٦٦).
ولم يكن تفرض عليه ملابس جامعية خاصة؛ على أنه كان يطلب إليه أن يشد ثوبه الخارجي بالأزرار وان لا يمشي حافي القدمين إلا إذا كانت جلبابه يصل إلى عقبيه (٦٦). وكان الأساتذة يميزون بلبس القبة Cappa وهي (حرملة) حمراء أو أرجوانية ذات حاشية من جلد السنجاب ومقنعة، وكانوا في بعض الأحيان يغطون رؤوسهم بقلنسوة مربعة في أعلاها خصلة بدل (الشرابة). وكان الطالب في جامعة باريس في منزله رجل الدين ويتمتع بحصاناته فكان
(١) هذه هي تقديرات راشدول Rashdall المتحفظ (٦٣). أما أودفردوس Odofredus العالم القانوني الذي كان يكتب في عام ١٢٥٠ فقدر عدد طلاب بولونيا عام ١٢٠٠ بعشرة آلاف طالب، وقدر رابانس جوما Rabanus Gaume وهو راهب نسطوري عدد طلاب جامعة باريس في عام ١٢٨٧ بثلاثين ألفاً، وقال فتز رالف Fitzralph كبير أساقفة أرماغ Armagh حوالي عام ١٣٦٠ إنه كان في جامعة أكسفورد في وقت ما ثلاثون ألف طالب؛ وقدرهم ويكلف Wyclif في عام ١٣٨٠ بضعفي هذا العدد؛ وعاد الأسقف غاسقوين Gascoigue الذي كان رئيس شرف في جامعة أكسفورد فقدرهم بثلاثين ألفاً (٦٤)؛ ولا يخفى أن هذه التقديرات كلها إنما تعتمد على الحدس والتخمين، وأنها مبالغ فيها بلا ريب ولكننا لا نستطيع البرهنة على كذبها.