كانوا صخابين، (بذيئين إذا شربوا)؛ والفلمنكيون كانوا بدلاً نهمين (ليّنين كالزبد)؛ وكانوا كلهم (كثيراً ما ينتقلون بهذا الاختيار من الألفاظ إلى اللكمات)(٦٩). وكان طلاب جامعة باريس يحشرون أولاً في الجزيرة التي تقوم عليها كتدرائية نتردام؛ وكانت هذه الجزيرة هي الحي اللاتيني الأصلي، وكان سبب تسميتها بذلك الاسم أن الطلاب كان يراد منهم أن يتكلموا باللغة اللاتينية - حتى في حديث غير المدرسي- وهي قاعدة كثيراً ما كانت تخرق، وحتى حين اتسعت رقعة الحي اللاتيني حتى شملت الطرف الغربي من الضاحية الممتدة في جنوب نهر السين، كان عدد الطلاب فيها من الكثيرة بحيث لم يكن من المستطاع السيطرة عليهم، فكانت المشاحنات كثيرة بين الطالب والطالب، وبين الطالب والأستاذ، وبين الطالب والشخص من أهل البلدة، وبين الراهب وغير الراهب. هذا في باريس، وفي أكسفورد كان ناقوس سانت ماري يدعو الطلاب، وناقوس سانت مارتن يدعو أهل البلدة، إلى حرب متقطعة بين بلدة وبلدة، وقد حدث شغب في أكسفورد (١٩٢٨) وقعت فيه على الممتلكات أضرار قيمتها ٣٠٠٠ جنيه (١٥٠. ٠٠٠ دولار)(٢٠). وإصدار موظف في باريس (١٢٦٩) أعلاناً ضد الطلاب الذين (يرتكبون بالنهار والليل فضائع تؤدي إلى إصابة الكثيرين بالجروح وإلى قتلهم، ويخطفون النساء، ويفسقون بالعذارى، ويسطون على البيوت)، ويرتكبون (مراراً وتكراراً حوادث السرقة وغيرها من الفظائع)(٧١). وربما كان طلاب أكسفورد اقل انهماكا في الشهوات الجنسية من طلبة باريس، ولكن حوادث القتل كانت كثيرة فيها، وتنفيذ العقاب في القاتل كان نادراً؛ فقلما كان القاتل يطارد إذا غادر البلدة، وكان الرجل في أكسفورد يرى أن حسب القاتل عقاباً له على جرمه أن يضطر إلى الانتقال إلى كيمبردج (٧٢).
وإذ كان شرب الماء غير مأمون العاقبة وقتئذ، لان أوربا لم تكن قد