سجلات الجامعة. وكان افتراض ذوي الشأن أن جميع عقائد الكنيسة المقررة يلتزم بها المؤمنون بالدين مما يدعو عقول الطلاب للدعة لا للعمل. وكان البحث عن الحجج التي تثبت هذه العقائد، وإيراد الشواهد من الكتاب المقدس أو من أقوال آباء الكنيسة لتأييدها، وتفسير أقوال أرسطو بحيث تتفق معها، كان هذا كله يدرب العقول على التقسيم الشعري الدقيق اكثر مما يدرب الذهن على توخي الحقيقة والإذعان لما يمليه الضمير الحي. وفي وسعنا أن نسارع إلى أي أسلوب من أساليب الحياة ينسى مثل هذا التعسف في الإيمان بالفروض التي يقوم عليها هذا الأسلوب. وها نحن أولاء في هذه الأيام نترك الناس أحراراً يشكون في عقائدهم آبائهم الدينية، ولا نتركهم أحراراً يشكون في عقائدهم السياسية؛ وهاهو ذا الإلحاد السياسي يعاقب عليه بالحرمان الاجتماعي كما كان الإلحاد في الدين يعاقب عليه بالحرمان الديني في عصر الإيمان. والآن ورجل الشرطة يعمل جاهداً لكي يحل محل الله، فقد اصبح الارتياب في الدولة اشد خطورة من الارتياب في الكنيسة، ذلك انه ما من نظام عن تحدي المبادئ الأساسية التي يقوم عليها.
وما من شك في أن انتقال المعارف والتدريب على معرفة اكثر انتشاراً واعظم قدراً فيما يبدو لنا مما كانا في العصور الوسطى، ولكننا لا يصح لنا أن نقول هذا القول نفسه عن التربية الخلقية. ولم تكن المقدرة العلمية مما تعوز خريج الجامعة في العصور الوسطى، فقد كانت تخرج في كل عام عدداً كبيراً من رجال الإدارة القادرين، ورجال القانون الذين أوجدوا الملكية الفرنسية، والفلاسفة الذين قادوا سفينة المسيحية في بحار العقل الصاخبة، والبابوات الذين أتوا من الجرأة ما جعلهم يفكرون تفكير أوربا الموحدة. ولقد شحذت المسيحية