ويقولون أن أبلار بقي مع وليم (بعض الوقت). ثم شرع هو نفسه يدرس في ميلون Melun أولاً ثم في كوربي Corbeil بعدئذ، وتبعد أولى البلدتين أربعين ميلاً عن باريس أما الثانية فتبعد عنها خمسة وعشرين. وقد اخذ عليه بعضهم أنه أنشأ (حانوته) بعد تدريب جد قصير؛ ولكن عدداً كبيراً من الطلاب هرع إليه، لإعجابهم بسرعة بديهيته وزلقة لسانه. وكان وليم في هذه الأثناء قد اصبح راهباً في دير القديس فكتور حيث (طلب إليه) أن يستمر في إلقاء محاضراته؛ وعاد إليه أبلار تلميذاً بعد (مرض شديد). ويبدو أنه كان على عظام فلسفة وليم لحم اكثر مما توحي به القراءة العاجلة لسيرة أبلار الموجزة التي كتبها بنفسه، ولكن سرعان ما تجددت مناقشاتهم القديمة، وأرغم أبلار (كما يقول أبلار نفسه) وليم على أن يعدل فلسفته الواقعية، وبدأت مكانة وليم في الهبوط. وعرض الأستاذ الذي خلفه والذي عينه بنفسه في نتردام أن يخلي مكانة لأبلار (١١٠٩؟)، ولكن وليم لم يوافق على هذا العرض. وواصل أبلار محاضراته في ميلون، ثم فوق جبل سانت جفييف المجاور لباريس. ونشبت بينه وبين وليم، وببين طلابهما، حرب كلامية دامت عدة سنين، واصبح أبلار زعيم المحدثين أي الشبان المتمردين المتحمسين أصحاب المدرسة (الحديثة). وبينما هو يخوض غمار هذه الحرب ترهب والداه، ولعلهما فعلا ذلك استعداداً للموت، واضطر أبلار أن يعود إلى له باليه Pallet ليكون في وداعهما، وربما كان من أسباب عودته تسوية بعض المشاكل الخاصة بأملاك الأسرة. ثم رجع أبلار الى باريس في عام ١١١٥، بعد أن قضى بعض الوقت يدرس علوم الدين في لاءون، وأقام مدرسته، أو بدأ منهج محاضراته، في قاعات نتردام التي كان يجلس فيها وهو طالب قبل ذلك الوقت باثنتي عشرة سنة أو نحوها. ويبدو أنه لم يلق في ذلك معرضة ما. وكان وقتئذ من موظفي الكتدرائية وأن لم يصبح من قساوستها (٨). وكان بمقدوره أن يتطلع إلى