وكيف نستطيع ونحن في عصر أخذ يشك في العقل نفسه، أن ندرك لألاء ذلك العهد الذي بدأ في التو يكشف (سر المعرفة العظيم؟)(٢٠). ويقول أبلار أن الحق لا يمكن أن يناقض الحق، وأن حقائق الكتاب المقدس يجب أن تنفق مع مكتشفات العقل، وإلا لكان الله الذي وهبنا هذه وتلك يخدعنا بإحداهما (٢١).
ولعله قد كتب في عهد الباكر -قبل مأساته- كتابه حوار بين فيلسوف ويهودي ومسيحي. وفيه يقول:"أن ثلاثة رجال أقبلوا عليه (في رؤيا أثناء الليل) وسألوه بوصفه أستاذاً ذائع الصيت، أن يفصل في نزاع قائم بينهم. وقالوا أنهم كلهم يؤمنون بالله، وأن أثنين منهم يقبلان ما جاء بالكتب العبرية المقدسة، أما الفيلسوف فيرفضها، ويقترح أن يقيم حياته ومبادئه الأخلاقية على أساس العقل والقانون الطبيعي. ويرد عليهم الفيلسوف بقوله أن من أسخف السخف أن نستمسك بعقائد الطفولة. وأن نشارك الغوغاء في أباطيلهم، وأن نزج في الجحيم من لا يقبلون هذه السخافات التي لا تفترق في شيء عن عبث الأطفال! ". ويختتم قوله اختتاما غير فلسفي فيرمي اليهود بالبلاهة والمسيحيين بالجنون. ويرد عليه اليهودي بقوله أن الناس لا يستطيعون الحياة بغير القوأنين؛ وأن الله قد فعل ما يفعله الملك الصالح فأنزل على الناس دستورياً للأخلاق الفاضلة، وأن تعاليم التوراة هي التي أبقت على شجاعة اليهود وأخلاقهم خلال ما أصابهم من التشتت والمآسي التي دامت قروناً طوالا. فيسأله الفيلسوف: وكيف إذن عاش آباؤكم هذه المعيشة النبيلة قبل أن يرسل موسى وشرائعه بزمن طويل؟ - وكيف تؤمنون بوحي بعدكم بالنعيم في الدنيا، ومع هذا فقد ترككم تقاسون آلام الفاقة والبؤس؟ ويقبل المسيحي كثيراً مما قاله الفيلسوف واليهودي، ولكنه يقول أن المسيحية قد نمت وأكملت شريعة الفيلسوف الطبيعية وشريعة اليهودي الموسوية؛ وأنها قد سمت بمثل الإنسانية العليا إلى درجة لم تسم إليها قط من قبل؛ فلا