للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الانتشار بين الملاحين المسلمين والمسيحيين قبل نهاية القرن الثاني عشر؛ وترجم أقدم إشارة لهذا الاستعمال عند المسيحيين إلى عام ١٢٠٥، وعند المسلمين إلى عام ١٢٨٢ (٥٠)، ولكن لعل الذين عرفوا هذا السر الثمين من زمن طويل لم يتعجلوا في إذاعته؛ يضاف إلى هذا أن الملاحين الذين كانوا يفيدون من هذا الاختراع كانوا يُرتاب في أمرهم فيظن أنهم سحرة، وبلغ من أمرهم أن بعض الملاحين رفضوا أن يسافروا مع أمير سفينة يحتفظ معه بهذه الآلة الشيطانية (٥١). ونجد أول وصف معروف لبيت إبرة تتحرك على نقطة ارتكاز في رسالة في المغنطيسية كتبها بطرس برجرينس Petrus Peregrinus في عام ١٢٦٩. وقد سجل الحاج بطرس هذا كثيراً من التجارب، ودعا إلى الطريقة التجريبية، وأوضح فعل المغنطيس في جذب الحديد، ومغنطة غيره من الأجسام، وتعيين اتجاه الشمال، وحاول كذلك أن يصنع آلة دائمة الحركة تعمل بمغنطيسات تولد بنفسها القوة اللازمة لتحريكها (٥٢).

وكانت البحوث في الكيمياء الكاذبة أكبر العوامل في تقدم علم الكيمياء؛ فقد أخذت النصوص العربية في هذا العلم تترجم إلى اللاتينية من القرن التاسع وما بعده، وما لبثت البحوث الخاصة بهذا النوع من الكيمياء أن انتشرت في بلاد الغرب حتى لم تخل منها الأديرة نفسها. فقد نشر الأخ إلياس خليفة القديس فرانسس كتاباً في الكيمياء القديمة طلبه إليه فردريك الثاني؛ وكتب راهب فرنسيسي آخر يشايع فكرة تحويل المعادن بعضا إلى بعض؛ وكان أشهر الكتب الطبية كلها في ذلك العهد كتاب في العلل يعرض الكيمياء القديمة والتنجيم كما وردا في كتاب مدسوس على أرسطو. وكان عدد من ملوك أوربا يستخدمون الكيميائيين القدامى ليسدوا ما ينقص من أموال خزائنهم بتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب (٥٣). وواصل غيرهم من المتحمسين البحث عن إكسير الحياة وحجر الفلاسفة. ولم تنقطع هذه البحوث