للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تشمل فروع الطب كلها تقريباً منها رسالة لأرخماثيوس Archimatheus تصف حال الطبيب وهو واقف بجوار سري المريض: يجب أن يتحلى الطبيب وهو ينظر إلى حال المريض بالرزانة، حتى لا تقلل من مكانته خاتمة المريض السيئة، وهو يضيف شفاؤه عجيبة أخرى إلى ما اشتهر به من العجائب؛ وعليه ألاّ يغازل زوجة المريض أو ابنته أو خادمته؛ وحتى إذا لم تكن ثمة ضرورة بدواء ما وجب عليه أن يصف له مركباً عديم الضرر، حتى لا يظن المريض أن العلاج لا يساوي أجر الطبيب، وحتى لا يظن أن الطبيعة هي التي شفت المريض دون معونة الطبيب (٦١).

وحلت جامعة نابلي محل مدرسة سلرنو بعد عام ١٢٦٨، حتى لم نعد نسمع عن هذه المدرسة إلاّ الشيء القليل. وكان خريجوها قبل ذلك العام قد نشروا طب سلرنو في طول أوربا وعرضها. وكان ثمة مدارس للطب صالحة في القرن الثالث عشر في بولونيا، وبدوا، وفرارا، وبروجيا، وسينا، ورومة، ومنبلييه، وباريس، وأكسفورد؛ وامتزجت في هذه المدارس التقاليد الطبية الثلاثة الشهيرة - اليونانية، والعربية، واليهودية، وامتصتها امتصاصاً تاماً، وصيغ التراث الطبي كله صياغة جديدة حتى أصبح هو أساس علم الطب الحديث، واحتفظ أسلوبا التشخيص القديمان - وهما فحص جدران الصدر بالمسماع وتحليل البول - بشهرتهما وكثرة استعمالهما (ولا يزالان يحتفظان بهما إلى يومنا هذا). وبلغ من انتشارهما أن كانت المبولة رمز مهنة الطب أو دلالتها في بعض الأماكن (٦٢). كذلك بقيت أساليب العلاج القديمة بالمسهلات والحجامة؛ وكان الطبيب في إنجلترا "مركب عَلَق". وكانت الحمامات الحارة من طرق العلاج المحببة. فكان المرضى يسافرون "ليأخذون الماء" من العيون المعدنية. وكان الطعام الخاص بالمرضى يوصف وصفاً دقيقاً في الأمراض كلها تقريباً (٦٣)، ولكن العقاقير الطبية كانت موفورة، فقلّما كان هناك عنصر من العناصر لا يستخدم في العلاج - من الأعشاب البحرية (الغنية باليود) التي وصفها روجر السلرني عام ١١٨٠