وهو مرض من أمراض الشعر- قد جاء به الغزاة المغول إلى بولندة حين غزوها في عام ١٢٨٧. وكان السكان البائسون يعزون هذه الأوبئة للقحط، والجدب، وجيوش الحشرات، وتأثير النجوم، وتسميم اليهود لآبار المياه، أو غضب الإله. وأقرب من هذه الأسباب إلى العقل ازدحام المدن الصغيرة المسورة بالسكان، وعدم وجود الاحتياطات الصحية أو مراعاة قواعدها، وما ينشأ عن ذلك من ضعف مقاومة الأهلين للعدوى التي يحملها الجنود والحجاج والطلاب العائدون إلى أوطانهم (٨٣). وليست لدينا إحصاءات عن عدد الموتى في العصور الوسطى ولكن أكبر الظن أن الذين كانوا يصلون إلى سن النضوج لم يزيدوا على نصف المواليد، وكانت خصوبة النساء تعمل جاهدة للتكفير عن غباء الرجال وبسالة الجنود.
وتحسنت وسائل المحافظة على الصحة العامة في القرن الثالث عشر. ولكنها لم تبلغ قط في العصور الوسطى الدرجة الممتازة التي بلغتها أيام الإمبراطورية الرومانية. وكانت معظم المدن، وأحياء المدن، تعين موظفين للعناية بشوارعها (٨٤)، ولكن أعمال هؤلاء الموظفين كانت بدائية. وكان من يزورون المدن المسيحية من المسلمين يشكون - كما يشكو من يزورون المدن الإسلامية من المسيحيين في هذه الأيام - من قذارة "مدن الكفار" ورائحتها الكريهة (٨٥). فق كانت الفضلات وأقذار البالوعات تجري فوق البالوعات في شوارع كمبردج التي تبلغ الآن درجة كبرى من الجمال والنظافة، وكانت تنبعث منها "روائح كريهة … يمرض منها الكثيرون من المدرسين والطلاب"(٨٦). وكانت لبعض المدن في القرن الثالث عشر قنوات مغطاة لنقل ماء الشرب، وبالوعات، ومراحيض عامة؛ وكانت الأمطار هي التي يعتمد عليها في معظم المدن لاكتساح الأقذار، وكان تدنيس الآبار ينشر وباء التيفود؛ وكانت المياه التي تستخدم في عمل الخبز وعصر الخمر تؤخذ عادة- في البلاد الواقعة في