العفاريت ويؤمن بأن الأحلام تنبئ أحياناً بالحوادث المستقبلة، ويقول:"إن النجوم في الحقيقة هي التي تحكم العالم" في الأحوال الجسمية، وأن اقتران الكواكب يفسر في أغلب الظن "أحداثاً خطيرة وأعاجيب عظيمة"، وأن المذنبات قد تنذر بالحروب وموت الملوك:"إن في الإنسان مصدراً مزدوجاً للعمل - الفطرة والإرادة؛ فأما فطرته فتحكمها النجوم، وأما الإرادة فحرة؛ لكن الإرادة إذا لم تقاوم، اكتسحتها الفطرة". ويعتقد أن في وسع المنجمين القادرين أن يتنبئوا إلى حد كبير بما سوف يحدث للإنسان في حياته، أو بنتيجة ما سوف يقدم عليه من المشروعات، وذلك بالنظر في مواقع النجوم. وهو يقبل ببعض التحفظ نظرية الكيميائيين القدامى، (أو المذهب النووي الحديث) القائل بتحول العناصر بعضها إلى بعض (٩٢).
وكان أحسن ما عمله في علم النبات. فقد كان أول عالم في النبات من أيام ثيوفراسطس (على قدر ما وصل إليه علمنا) بدرس النبات للعلم بالنبات لا لفائدته في الزراعة أو الطب. وقد صنف النباتات، ووصف ألوانها، ورائحتها، وأجزاءها، وثمارها، ودرس قوة إحساسها، ونومها، وتذكيرها وتأنيثها، ونموها، وحاول أن يكتب مقالاً في الفلاحة. وقد دهش همبولدت Humboldt إذ وجد في كتاب النبات لألبرت: "ملاحظات غاية في الدقة عن التركيب العضوي للنبات وعن وظائف أعضائه"(٩٣). وأما كتباه الضخم في الحيوان فمعظمه شرح لأرسطو، ولكننا نجد فيه أيضاً ملاحظات أصيلة. فهو يحدثنا مثلاً بأنه "سافر في بحر الشمال للقيام ببحوث فيه، وبأنه نزل في الجزائر، وعلى الشواطئ الرملية ليجمع" نماذج للدرس (٩٤) وقد وازن بين الأعضاء المتماثلة في الحيوان والإنسان (٩٥).
وإذا ما نظرنا إلى هذه الكتب في ضوء علمنا الحاضر حكمنا على أن فيها كثيراً من الأغلاط، ولكننا إذا نظرنا إليها في ضوء ما كانت عليه عقول الناس في الزمن الذي ألفت فيه حكمنا بأنها من أعظم ما أثمرته العقول في العصور