غيرها بحزن فتاة غدر بها الحبيب، وكانت بدانتها سبباً في الضربات يكيلها لها أبواها. ويتغنى كثير من القصائد بملذات الشراب، والميسر، ومنها ما يتلذذ بثروة الكنيسة مثل "قصيدة الإنجيل حسب المارك الفضي"؛ ومنها ما يقلد أنبل الترانيم، ومنها قصيدة على غرار قصائد هوتمان Whitman تتغنّى بالطريق المفتوح (١٠). وكثير منها شعر غث لكن منه ما هو آية رائعة من آيات الشعر الغنائي. وهاهي ذي أنشودة محب يتغنى فيها بالموت المثالي:
لما أن استسلَمَت في غير مبالاة للحب ولي،
ضحك الجمال من كوكبها الوضّاء البعيد في السماء،
وغمرتني نشوة لا حد لعظمتها،
ولم يتّسع قلبي لهذه الغبطة العظيمة التي فاضت عليّ
حين بدّلتني حبيبتي، وقد طوّقتني بذراعيها، غير ما كنت،
وصبّت كل ما في شفتيها من رحيق في قُبلة حبتني بها.
وما أكثر ما أحلم بالحرية التي نلتها من صدرها اللين.
لقد أصبحت بعدها ربّاً آخر بين أرباب السماء،
وإذا ما وجدت يدي مرة أخرى فوق صدرها فسأكون المحكمُ الأعلى
بين الآلهة والخلق (١)
ومعظم الشعر الغزلي في قصائد بيرن شهواني صريح. نعم إن فيه أبياتاً تفيض رقةً وظرفاً ولكنها أبيات قليلة نادرة الوجود؛ وكان علينا ولو لم نعثر على هذا الشعر أن نتوقع وجود ترانيم ألفينوس تنشأ عاجلاً أو آجلاً إلى جوار ترانيم الكنيسة، ذلك أن المرأة، وهي الدعامة القوية الوفية للدين، هي أكبر منافس للآلهة. وظلت الكنيسة تستمتع وهي صابرة لهذه الأغاني، أغاني الحب والخمر،
(١) وهذا يذكّرنا أيضاً بقول أمرئ القيس في معلقته: وبيضة خدر … الخ. (المترجم)