الثامن والعشرين من ديسمبر "مذبحة البريئين": فكان بعض الغلمان المرتّلين يمشون في صحن الكنيسة وجناحيها، ويسقطون على الأرض كأن هيرود قد ذبحهم، ثم يقومون، ويسيرون إلى الحرم المقدس، يرمزون بذلك لصعودهم إلى السماء (١٤). وفي يوم الجمعة الحزينة كانت كنائس كثيرة ترفع صور المسيح المصلوب من المذبح. ثم تحمل هذه الصور وتوجع في مستقر يشبه الضريح المقدس، تعاد منه بعد ذلك إلى المذبح في صباح عيد الفصح باحتفال مهيب رمزاً لبعث المسيح (١٥). وكتب جريجوري نزيانزين Gregory Nazianzen بطريق القسطنطينية في عام ٣٨٠ لا بعد قصة آلام المسيح في صورة تمثيلية يوربيدية Euripidean (١٦) ، ولا تزال تمثيلية آلام المسيح من ذلك الوقت حتى الآن ذات شأن عظيم عند الشعوب المسيحية. وكانت الكتب تقول إن أول مسرحية من هذا النوع هي التي مثلت في سينا حوالي عام ١٢٠٠، ولكن أكبر الظن أن مسرحيات أخرى كثيرة من نوعها مثلّت قبل ذلك التاريخ بزمن طويل.
وإذ كانت الكنيسة تستعين بالبناء، والنحت، والتصوير، والموسيقى لتطبع في عقول المؤمنين المناظر والأفكار الرئيسية في الملحمة المسيحية، فإنها بذلك كانت تلجأ إلى خيال الشعب وتزيد تقواه بما تضفيه على المناظر التمثيلية في الأعياد الكبرى من روعة وتفاصيل مطردة الزيادة؛ وكانت النصوص الموضحة التي أضيفت إلى الطقوس الدينية لتكسبها الروعة الموسيقية، كانت هذه النصوص الموضحة تحوّل أحياناً إلى تمثيليات قصيرة. من ذلك أن نصّاً موضّحاً لعيد الفصح في مخطوط من القرن العاشر في سانت جول St. Gall يدخل الحوار الآتي في ترنيمة مقسمة لتمثل فيها الملائكة والمريمات الثلاث (١).
الملائكة: منذ الذي تبحثين عنه في الضريح يا خادمات المسيح؟
المريمات: نبحث عن المسيح الذي صلب يا رسلاً من السماء.
(١) مريم أم المسيح، ومريم أختها؛ ومريم المجدلية. (المترجم)