وقد روى في كتابه العالم المستدير Heimskringla تاريخ بلاد الشمال وقصصها بما فطر عليه رجل الجد والعمل من بساطة وإيجاز؛ وروى في كتاب أدا استرا استور لسونر Edda Snorra Sturlsoner أو إدا المنشورة موجز التاريخ الورد في الكتاب المقدس، وشذرات من أساطير الشماليين، وضمنه مقالاً في أوزان الشعر، ورسالة فنه، وشرحاً فذاً لنشأة هذا الفن من البول يقول فيه إن طائفتين من الأرباب اقتتلوا ثم عقدوا الصلح بأن أخذوا يبصقون في جرة، ونشأ من هذا البصاق نصف إله يدعى أكفاريز Kvasir علّم الناس الحكمة كما علّمهم إياها بروميثيوس. وقتل الأقزام أكفاريز، ومزجوا دمه بالخمر وصنعوا رحيقاً يهب كل من يشربه القدرة على الغناء. واتخذ الإله العظيم أودين Odin سبيله إلى المكان الذي خزن فيه الأقزام هذا الخمر الشعري، وشربه كله، وطار إلى السماء؛ غير أن بعض السائل المحبوس خرج منه بطريقة قلّما تستخدم في الفساقي العامة؛ وسقط هذا الماء الإلهي رذاذاً ملهماً على الأرض، وامتص من سقط عليه موهبة قرض الشعر (٢١). ذلك هراء جاء به عالم من العلماء وليس هو أبعد عن العقل من التاريخ.
وهذه الفترة من تاريخ أيسلندة غنية بأدبها غنى تحار في العقول، ولا يزال هذا الأدب يفيض طرافةً، ومرحاً، وفكاهةً، وفتنة شعرية تسرى في نثره. وكتبت في ذلك العهد مئات من القصص المنثورة بعضها قصير وبعضها في طول الروايات النثرية، بعضها تاريخي وبعضها يخلط التاريخ بالأساطير. وكلها بوجه عام ذكريات للحضارة من عصر الهمجية، مليئة بأعمال المروءة والعنف، يُعَقّدها التقاضي ويخفف من مللها الحب. وكثيراً ما يرد في قصص إنجلنجا Ynglinga تأليف أستري ذكر فرسال الشمال الذين يحرق بعضهم بعضاً، أو يحرق الواحد منهم نفسه، أو ذكر أبهائهم أو أقداح شرابهم. وأوسع هذه القصص خيالاً