ويبدو أن الأزواج الذين كانوا يسمعون هؤلاء الشعراء يتشبثون بنسائهم لم يكونوا يرون في هيامهم أكثر من هذا، وأنهم لم يكونوا أكثر حرصاً على أزواجهم من معظم الذكور. وإذ كان الزواج بين الأشراف لا يعدو أن يكون حادثاً من حوادث تداول الثروة، فقد كان الحب إذا وجد يعقب الثروة لا يسبقها كما يحدث في القصص الفرنسي. وأما ما وجد من الحب في أدب العصور الوسطى فكان كله، من فرنسسكا Francesa وبيتريس Beatrice في الجنوب إلى إيسلد Isolde وجنيفير Guinevere في الشمال، حباً حراماً إذا استثنينا منه بعض الأمثلة القليلة. وكان عجز المحب عن الوصول إلى السيدة المتزوجة هو الذي أوجد طائفة التروبدور؛ ذلك أن من الصعب خلق رواية غرامية تدور حول الرغبة المشبعة، وحيث لا توجد العقبات لا يوجد الشعر. ولسنا نسمع إلاّ عن أفراد قلائل من شعراء الفروسية الغزلين حظوا آخر الأمر بعطف السيدات اللائي اختاروهن موضوعاً لأغانيهم، ولكن هذا لم يكن إلاّ خرقاً للمألوف من القواعد في العشر، فقد جرت العادة أن يطفئ الشاعر حرقته بقبلة من الحبيبة أو بلمس يدها. وكان هذا التمنع من أسباب الرقة والظرف؛ ومن أجل هذا انتقل شعر التروبدور - ولعله تأثر في هذا الانتقال بعبادة مريم - من الشهوانية إلى ما يقرب من الرقة الروحية.
لكنهم قلّما كانوا رجالاً أتقياء صالحين، وكان عدم تعففهم من أسباب التنافر بينهم وبين الكنيسة. وقد ألف بعضهم القصائد في هجو كبار رجال الدين، وفي السخرية من الجحيم (٢٧)، والدفاع عن الملاحدة الألبجنسيين، والإشادة بالحملة الصليبية التي انتصر فيها فردريك العاصي حيث أخفق لويس الصالح. ولم يرض جولم أديمار Guillem Ademar إلاّ عن حملة صليبية واحدة، وكان سبب رضائه عنها أنها أبعدت من طريقه زوج سيدة يتشبّب بها. وكان