لأمل تومس أكانوس في أن ينجو بعض عبدة الأوثان من الهلاك. وفي هذه الطبقة نفسها يقيم مانفرد بن فردريك الذي قاتل بابا من البابوات ولكنه أحب الشعر. ويسرع فرجيل بدانتي وهو يتلو عليه تلك الآيات التي تجري على كثير من ألسنة الناس.
"دع الناس يتكلموا، وقف أنت كالبرج المتين الذي لا تهتز قمته وإن هبت عليه كل الرياح"(٥٠). وليس المطهر بالمكان الذي يوائم فرجيل، فهو لا يستطيع أن يجيب عن أسئلة دانتي بالسرعة التي تعّود أن يجيب بها عن أسئلته في الجحيم. وهو يحس بنقص ذكائه، ويظهر أحياناً حنيناً يؤلمه، غير أن ألمه هذا يزول حين يلتقي الشاعران بسردلو Sordello. ويحتضن الشاعران إبنا مانتوا أحدهما الآخر، يؤلف بين قلبيهما حبهما للبلدة التي قضيا فيها عهد الشباب. وفي هذه اللحظة ينطلق لسان دانتي بهذا الخطاب المؤلم يوجهه إلى بلده، ويلخص فيه مقاله عن الحاجة إلى الحكومة الملكية:
أي إيطاليا المستعبدة! يا موطن الأحزان! يا سفينة بغير دليل في مهب العاصفة الهوجاء! يا سيدة انتزعت منها ولاياتها الجميلة، ولم تعد إلاّ ماخوراً دنساً! إن هذا الروح الرقيق قد حفزه الصوت الجميل الصادر من بلده العزيز أن يحيي رجلاً من أهل وطنه مرحباً به مبتهجاً بلقائه. وفيك يقيم الأحياء من أبنائك يقتتلون؛ يأكل الواحد منهم لحم أخيه من الغل والحقد؛ نعم ما أشد الضغن الذي يملأ قلوب من يحيد بهم جدار واحد وخندق واحد. ألا أيها البائس الحزين طف بشواطئ بجارك، ثم عد إلى نفسك فاسألها هل يستمتع جزء منك بالسم الحلوة؟ وماذا يفيدك إذا كان جستنيان قد (أحيا القانون الروماني) من أجلك، وهل ينفعك أن يصلح العنان إذا كان السرج (بغير مَلك)؟ أيها الخلائق، يا من يجب عليكم أن تظلوا مخلصين أوفياء، أجلسوا قيصر في السرج إذا شئتم أن تستجيبوا لأمر الله (٥١)! ".