أو لغيره من صغار الآلهة. وكانوا يتخذون النار نفسها إلهاً يعبدونه ويسمونها أنار، ويعتقدون أنها ابن إله النور. وكانت كل أسرة تجتمع حول موقدها، تعمل على أن تظل نار بيتها متقدة لا تنطفئ أبدا، لأن ذلك من الطقوس المقررة في الدين. وكانت الشمس نار السماوات الخالدة تعبد بوصفها أقصى ما يتمثل فيها أهورا- مزدا أو مثرا كما عبدها إخناتون في مصر. وقد جاء في كتابهم المقدس:"يجب أن تعظم شمس الصباح إلى وقت الظهيرة وشمس الظهيرة يجب أن تعظم إلى العصر، وشمس العصر يجب أن تعظم حتى المساء … والذين لا يعظمون الشمس لا تحسب لهم أعمالهم الطيبة في ذلك اليوم"(٨٠)، وكانوا يقربون إلى الشمس، والى النار، والى أهورا- مزدا القرابين من الأزهار، والخبز، والفاكهة، والعطور، والثيران، والضأن، والجمال، والخيل، والحمير، وذكور الوعول. وكانوا في أقدم الأزمنة يقربون إليها الضحايا البشرية شأن غيرهم من الأمم (٨١). ولم يكن ينال الآلهة من هذه القرابين إلا رائحتها، أما ما يؤكل منها فقد كان يبقى للكهنة والمتعبدين، لأن الآلهة- على حد قول الكهنة- ليست في حاجة إلى أكثر من روح الضحية (٨٢). وظلت العادة الآرية القديمة عادة تقديم عصير الهوما المسكر قرباناً إلى الآلهة باقية بعد انتشار الدين الزردشتي بزمن طويل، وإن كان زردشت نفسه جهر بسخطه على هذه العادة، وإن لم يرد لها ذكر في الأبستاق. وكان الكهنة يحتسون بعض هذا العصير المقدس، ويوزعون ما بقي منه على المؤمنين المجتمعين للصلاة (٨٣). فإذا حال الفقر بين الناس وبين تقديم هذه القرابين الشهية، استعاضوا عنها بالزلفى إلى الآلهة بالأدعية والصلوات. وكان أهورا مزدا كما كان يهوه يحب الثناء ويتقبله، ومن ثم فقد وضع للمتقين من عباده طائفة رائعة من صفاته أضحت من الأوراد المحببة عند الفرس (٨٤).
فإذا ما وهب الفارسي حياة التقى والصدق كان في وسعه أن يلقى الموت في