ابنه ربرت لقب الحكيم لكفايته، وحسن تصريفه لشئون الحكم، ومهارته الدبلوماسية، ومناصرته للآداب والفنون الراقية، وإن كان قد أخفق في الحرب التي شنها لاستعادة صقلية. لقد كانت مملكته فقيرة في الصناعة، وكانت الزراعة يسيطر عليها ملاك قصيروا النظر يستغلون الزراع كما يستغلهم الملاك الآن استغلالا يكاد يدفعهم إلى الثورة. ولكن تجارة نابلي كانت تدر على بلاط الملك دخلا جعل القصر الجديد Castel Nuovo لا تنقطع منه حفلات الزواج سبيلا إلى الخراب، كما أضحى سباق الزوارق الذي يقام من آن إلى آن مصدر البهجة في خليج نابلي ذي الشهرة التاريخية العظيمة. وفي ميدان المدينة نفسها كان الشبان ذوو الجرأة يثاقفون في ألعاب البرجاس الخطرة بينما كانت السيدات المتوجات يبتسمن لهم من الشرفات المزدانة بالأعلام. وكانت الحياة في نابلي سارة طيبة، والآداب والأخلاق العامة سهلة طليقة، والنساء حساناً لا يصعب منالهن. وقد وجد الشعراء في هذا الجو المليء بالتبذل والغرام كثيراً من الموضوعات لشعرهم ومن الحوافز الدافعة لقرض الشعر. وكانت هذه البيئة هي التي كونت يوكاتشيو.
وكان يوكاتشيو قد بدأ حياته في باريس. وكان مولده ثمرة غير مقصودة لاتفاق حبي بين أبيه- وهو تاجر فلورنسي-وفتاة فرنسية لا يعرف اسمها على وجه التحقيق، وأخلاقها موضع للريبة (٩). ولعل مولده غير الشرعي، وأصله النصف الفرنسي، قد تعاونا على تكييف أخلاقه وتاريخ حياته. وجئ به وهو طفل إلى تشر تلدو Certaldo القريبة من فلورنس حيث قضى طفولة غير سعيدة مع زوجة أبيه، ثم أرسل وهو في العاشرة من عمره إلى نابلي (١٣٢٣)، حيث أعد الحياة المال والتجارة، وفيها سرى في نفسه كره حياة المال والتجارة، كما سرى في نفس بترارك كرهُ القانون، وجهر بأنه يفضل عليها الفقر والشعر، وانهمك في قراءة