للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرسوم تتمثل فيه روح العصر جاء فيه أن "برج الأجراس يجب أن يشاد بحيث يسمو في فخامته، وارتفاعه، ودقة صنعه، على كل شئ من نوعه أبدعه في الزمن القديم اليونان والرومان في أوج مجدهم (٣٠). وليس جمال البرج في شكله المربع الذي لا يمتاز بشيء عن أمثاله (والذي كان جيتو يرغب في أن تعلوه منارة مستدقة)، بل في نوافذه المزخرفة على الطراز القوطي، وفي النقوش البارزة التي حفرها جيتو, وأندريا بيزانو، ولوكا دلا ربيا Luca della Robia في الرخام الملون على الألواح السفلى. وواصل العمل، بعد موت جيتو، بيزانو، ودوناتلو، وفرتشسكو تالنتي، وإليهما يدين البرج بما حوته أعلى مقنطراته من جمال بالغ الأوج.

وكان جيتو دي بندوني Giolto di Bondoni يحمل لواء المصورين في القرن الرابع عشر كما كان بترارك يحمل لواء الشعر في ذلك القرن نفسه، وكان الفنان يضارع الشاعر في تعدد كفاياته، فقد كان مصوراً، ومثالاً، ومهندساً معمارياً، ورأسمالياً، وخبيراً بأحوال العالم، لا يقل حذقه للآراء الفنية، عن مهارته في الحيل العلمية والأجوبة الفكهة المسكتة، ولهذا كان جيتو يسير في الحياة واثقاً من نفسه، ينثر روائع فنه في فلورنس، وروما، وأسيسى، وفرارا، ورافنا، وريميني، فايندسا، Faenza، وبيزا، ولوكا Lucca، وأرتسو، وبدوا، وفيرونا، ونابلي، وأربينو Orbino، وميلان. ويبدو أنه لم يكن يهتم مطلقاً بأن يكلف بالقيام بعمل من الأعمال، ولما سافر إليهما ضيفاً على الملك في قصره. وهناك تزوج وكان له أبناء قبيحو المنظر، ولكن أعماله الفنية الجميلة الهادئة، وحياته التي تسري فيها روح البهجة، لم تتأثرا قط بهذا القبح، وكان يؤجر الأنوال للصناع بضعفي أجرها المعتاد (٣١). ومع هذا فأنه يقص لنا قصة القديس فرانسس رسول الفقر في عمل من أعماله الفنية الراقية الباقية من عصر النهضة.

وكان لا يزال في شرخ الشباب حين أستدعاه الكردنال استفانستشى