وقد خص قيصر بثلاثمائة وخمسين صفحة من قطع الثُّمن ظلت حتى القرن التاسع عشر أكمل سيرة لهذا الحاكم.
وغادر بترارك البندقية إلى بافيا في عام ١٣٦٨ يرجو أن يتوسط في الصلح بين جليستو الثاني فيكونتي والبابا إربان الخامس، وكان كل ما وجده أن البلاغة إذا لم تصحبها المدافع لا تجد من السياسيين إلا آذانا صماء. وفي عام ١٣٧٠ قبل دعوة فرانتشسكو الأول صاحب كرارا لينزل ضيفا عليه مرة أخرى في بلاطه الملكي في بدوا. لكن أعصابه التي أوهنتها الشيخوخة عافت صخب المدينة وزحامها، وما لبث أن آوى إلى بيت ريفي متواضع في أركوا Arqua بين التلال الأوجانية Euganean في الجنوب الغربي السنين الباقية من حياته، جمع فيها رسائله وأعدها لتنشر بعد وفاته، وكتب لنفسه ترجمة صغيرة فاتنة سماها رسالة للمستقبل Epistola ad Posteros (١٣٧١) . ثم استسلم مرة أخرى لضعف الفلاسفة القديم، فأخذ يسدي النصائح إلى الحكام في كيفية تصريف شئون الدول، وكتب إلى أمير بدوا في رسالته التي أسماها خير الوسائل لأدارة شئون الدولة (١٣٧٢) يقول "لا تكن سيد رعاياك بل أباهم، وأحبهم كما تحب أبناءك"، ونصحه بأن يجفف المناقع، ويضمن لرعاياه الطعام، ويحافظ عل الكنائس، ويعين المرضى والمحتاجين، ويبسط حمايته ورعايته على رجال الأدب-الذين تعتمد على أقلامهم كل أسباب السمعة الطيبة، ثم عمد إلى كتاب ديكمرون فترجم قصة جريزلدا إلى اللغة اللاتينية لكي تكون في متناول القراء في أوربا.
وكان بوكاتشيو وقتئذ في حالة نفسية تجعله يندم على كتابة ديكمرون أو القصائد الشهوانية التي قالها في أيام شبابه. وكان أحد الرهبان قد بعث وهو يحضر إلى بوكاتشيو رسالة يؤنبه فيها على حياته الآثمة وعلى