يدعوه مجلس الحكام، وأن يقترع بالإيجاب أو النفي على ما يعرضه عليه الزعماء من اقتراحات. وكان الزعماء يدعون في أحوال نادرة برلمانا Parlamento يجتمع في ميدان الرياسة بأن يقرعوا الناقوس الكبير المعلق في برج قصر فيتشيو. وكانت هذه الجمعية العامة تختار في العادة لجنة من المصلحين Balia وتمنحها السلطة العليا فترة محددة من الوقت، ثم ينفض اجتماعها.
ولقد وقع أحد المؤرخين من رجال القرن التاسع عشر في غلطة كريمة حين خلع في كتابه على فلورنس درجة من الحكم الديمقراطي لم يكن لها قط وجود في هذه الجنة البلوتوقراطية. ونقول أن هذه الدرجة من الديمقراطية لم يكن لها وجود لأن المدن الخاضعة لفلورنس لم يكن لها رأي في اختيار السادة الذين يحكمون المدينة وإن كانت هذه المدن غنية بالعباقرة، وإن كانت تفخر بتراثها الماضي المجيد. وكان حق الاقتراع في فلورنس مقصوراً على ٣٢٠٠ من الذكور، وكان ممثلو رجال الأعمال في المجلسين أقلية يندر أن يتحداها أحد (١١). ذلك أن الطبقات العليا لم يكن يخالجها شك في أن الجماهير الأمية الجاهلة، عاجزة عن أن تصدر حكما صحيحا سليما يتفق مع مصلحة الجماعة في الأزمات الداخلية أو الشئون الخارجة.
لقد كان الفلورنسيون يحبون الحرية، ولكن كان معنى الحرية عند الفقراء حرية السادة الفلورنسيين في أن يحكموهم، وكان معناها عند الأغنياء حريتهم في أن يحكموا المدينة والبلدان التابعة لها دون ان تقف في سبيلهم عوائق من قبل الإمبراطورية، أو البابوية، أو الإقطاع.
وكان من عيوب هذا الدستور التي لا يستطيع أحد أن ينكرها او يجادل بها فيها قصر المدة التي يحتفظ فيها الحكام بمناصبهم، وما يحدث في هذا الدستور نفسه على الدوام من تغيرات. وقد ترتب على هذين العيبين قيام الأحزاب، وتدبير المؤامرات، وأعمال العنف، والاضطرابات،