كلف ميكلتسو دي بارتليمو Michelezzo di Baptolmmeo، (١٤٤٤) أن يشيد له ولأسرته ومكاتبه بدل هذا القصر قصر آل ميديتشي Palazzo Medici أو الريكاردي Riecardi القائم اليوم، ذا الجدران الحجرية السميكة الخالية من الزخرف، والتي تنم عما كان في ذلك الوقت من اضطراب اجتماعي، ومنازعات عائلية، وخوف دائم من العنف والثورة، وهي العوامل التي كانت تبعث النشاط والحياة في السياسة الفلورنسة. وكان لهذا القصر ابواب ضخمة من الحديد يدخل منها الأصدقاء والدبلوماسيين، والفنانون، والشعراء إلى فناء مزدان بتماثيل من صنع دوناتلو، ويؤدي إلى حجرات متوسطة الروعة، ومعبد مزدان بمظلمات فخمة زاهية من صنع بنتسو جوتسولي Benozzo Gozzoli. وأقام آل ميديتشي في هذا القصر إلى عام ١٥٣٨، عدا الفترات التي نفوا فيها من المدينة، ولكنهم كانوا بلا ريب يخرجون من هذه الجدران المكتئبة ليستمتعوا بأشعة الشمس في البيوت الريفية التي شادها كوزيمو خارج المدينة في كاريجي Careggi، وكفاجيولو Cafaggiolo، وعلى منحدرات فيسولي Fiesole. وكانت هذه الملاجئ الريفية هي التي يأوى إليها كوزيمو ولورندسو، وأصدقاؤهما، وصنائعهما فراراً من عناء السياسة إلى الاستمتاع بالشعر، والفلسفة، والفن، وإلى كاريجي أوى الأب والحفيد ليستقبلا الموت، وكان كوزيمو من حين إلى حين يفكر فيما بعد الموت فتبرع بكثير من المال لإقامة دير في فيسولي Fiesole، وليعيد بناء الدير القديم في سان ماركو ويجعله أوسع رقعة أكثر متعة .. وخطط ميكلتسو في هذا الدير بواكي مسقوفة رشيقة، ومكتبة تضم كتب نقولي، وصومعة ينفرد فيها كوزيمو من حين إلى حين معتزلا أصدقاءه أنفسهم ليقضي يومه في التأمل والصلاة.
وكان ميكتسو أحب المهندسين إليه في هذه المشروعات، كما كان هو الصديق الوفي الذي صاحبه في منفاه، وعاد معه بعد النفي، وعهد إليه