للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمي جيدو دي بيترو، ثم وفد إلى فلورنس وهو شاب، ودرس فن التصوير، وأكبر الظن أنه درسه مع لورندسو وموناكو. وسرعان ما نضجت موهبته الفنية، وهيئت له جميع السبل التي تمكنه من أن يشغل مكاناً طيباً مريحاً في العالم، ولكن حب السلام وأمله في النجاة حملاه على أن يلتحق بطائفة الرهبان الدمنيك (١٤٠٧). وظل فرا جيوفني (الأخ جوفني) - وهو الاسم الذي اطلق عليه في هذه الفترة-يتدرب على نظام الرهبنة زمناً طويلاً في عدة مدن مختلفة، استقر بعدها في دير سان دمنيكو SanDominico ببلدة فيسولي Fiesole (١٤١٨) ، حيث شرع وسط عادته التي حباه احتجاجه وخمول ذكره يزين المخطوطات ويرسم صور الكنائس وجماعات الإخوان الدينية. وحدث في عام ١٤٣٦ أن نقل رهبان سان دمنيكو إلى دير سان ماركو الجديد الذي شاده ميكلتسو بأمر كوزيمو ومن ماله. ورسم جيوفني في التسع السنين التالية نحو خمسين صورة بالجص على جدران كنيسة الدير-تشمل بيت القسيسين، ومكان نومهم، ومطعمهم، وموضع راحتهم، وطرقات الدير المقنطرة المسقوفة، وصوامع الرهبان. وكان في خلال هذه المدة يقوم بالشعائر الدينية في تواضع وخشوع حملا زملاءه الرهبان على أن يسموه «الأخ الملاك» فرا أنجيلكو Fra Angelico. وقد بلغ من حلمه أن أحداً من الناس لم يره غاضباً قط، وان أحداً لم يفلح قط في أن يغضبه. وكان في وسع تومس أكمبس Thomas à Kempis أن يجد الصورة التي رسمها لتمثيل محاكاة المسيح قد تحققت إلى أكمل حد فيه إذا استثنينا من ذلك التعميم زلة واحدة لا يستطيع الإنسان معها أن يحاجز نفسه عن الابتسام: ذلك أن الراهب الملاك الدمنيكي لم يستطع أن يقاوم نزعة من نزعاته فوضع في صورة من صور يوم الحساب عدداً قليلا من الرهبان الفرنسيس في الجحيم (٤٨).

وكان التصوير عند الأخ جيوفني عملا دينياً كما كان متعة وانطلاقاً