على حكمها، وشبت نار الثورة فيها مرة أخرى، وأعيدت الجمهورية (١٤٣٥)، وعاد تطاحن الأحزاب إلى سابق عهده.
وكان عنصر الثبات الوحيد وسط هذه التقلبات هو مصرف القديس جورج. وترجع نشأته إلى أن الحكومة في أثناء حربها مع البندقية اقترضت المال من الاهلين، وأعطتهم بدلها صكوكاً، فلما وضعت الحر بأوزارها عجزت الحكومة عن استهلاك هذه الصكوك، ولكنها عهدت إلى المقرضين أن يحصلوا العوائد الجمركية على البضائع التي تمر بالميناء، وكون الدائنون من أنفسهم هيئة عرفت باسم بيت القديس جورج Casa di San Giorgio، واختاروا من بينهم مجلس إدارة من خمسة محافظين، وأعطتهم الحكومة قصراً يتخذونه مقراً لهم. وسارت إدارة البيت أو الشركة سيراً حسناً، وكانت أقل أنظمة الجمهورية فساداً، وعهد إليها أمر جباية الضرائب، وأقرضت الحكومة بعض مالها، واستولت في نظير ذلك على أملاك قيمة في ليجوريا، وقورسقة، وشرقي البحر المتوسط، وفي البحر الأسود، وأصبحت في وقت واحد بيت مال الحكومة ومصرفاً خاصاً يقبل الودائع، ويخصم الكمبيالات، ويعقد القروض لتمويل التجارة والصناعة. وإذ كانت الأحزاب جميعها مرتبطة بها، فقد كانت موضع احترامها جميعاً، ولا يمسونها بأذى ما في أثناء الثورات والحروب، ولا يزال قصرها الفخم الذي أنشئ في عهد النهضة قائماً إلى اليوم في ميدان كريكا منتو Piazza Caricamento.
وكان سقوط القسطنطينية في أيدي الأتراك العثمانيين ضربة أوشكت أن تقضي على جنوى، فقد استولى الأتراك على محلة بيرا القريبة من القسطنطينية، التي كانت تابعة لجنوى. ولما خضعت الجمهورية المفتقرة إلى فرنسا مرة أخرى (١٤٥٨)، أشعل فرانتشيسكو اسفوردسا نار ثورة بفضل ما بذله من الأموال، طرد الفرنسيين على أثرها من جنوى، وخضعت المدينة مرة أخرى لحكم ميلان (١٤٦٤). وأتاحت الإضرابات