خطر هجوم البندقية وفلورنس على ميلان؛ وزاد من شدة الخطر أن كلا من دوق أورليان، والإمبراطور فردريك الثالث، وألفنسو ملك أرغونة طالب بميلان لنفسه. فلما تأزمت الأمور على هذا النحو ذهب وفد من أهل المدينة إلى أسفوردسا وأعطوه بريشيا، ورجوه أن يدافع عن ميلان، فاستجاب لرغبتهم، وصد الأعداء بما أوتي من نشاط وحسن تدبير، ولما أن عقدت الحكومة الصلح مع البندقية دون أن تستنير برأيه وجه جنده ضد الجمهورية، وحاصر ميلان حتى كادت تهلك جوعا، وقبل استسلامها له، ودخل المدينة وسط تهليل الجماهير الجياع، وأغمد في نفوسهم شهوة الحرية بتوزيع الخمر عليهم. ثم دعيت إلى الاجتماع جمعية عمومية مكونة من رجل عن كل أسرة في المدينة، وخلعت عليه سلطة الدوق غير عابئة باحتجاج الإمبراطور، وبدأت أسرة اسفوردسا عهدها الباهر القصير (١٤٥٠).
ولم تتبدل أخلاقه بعد توليه أزمة الحكم، بل ظل يعيش عيشة بسيطة ويعمل بجد؛ وكان من حين إلى حين يلجأ إلى أعمال القسوة والغدر، متذرعا إلى ذلك بمصلحة الدولة؛ ولكنه كان يوجه عام عادلا رحيما. وكان من عيوبه إحساسه المرهف بجمال النساء إحساساً طليقا لا يقف عند حد؛ وحدث أن قتلت زوجته المهذبة عشيقته ثم سامحته؛ وقد ولدت له ثمانية أبناء، وكانت تسدي إليه النصح الحكيم في الشؤون السياسية، وحببت الشعب في حكمه بما كانت تقدمه من غوث إلى المحتاجين وحماية المظلومين. وكان يصرف شؤون الدولة في كفاية لا تقل عن كفايته في قيادة جندها. وكان النظام الاجتماعي الذي فرضه على المدينة سببا في عودة الرخاء إليها إلى درجة أنستها أو كادت تنسيها ذكريات آلامها وحريتها المتقطعة. ولما أستتب له المر شرع يبني قلعة اسفرديسكو Castello Sforzesco ليتخذها حصنا ضد العصيان أو الحصار وحفر قنوات جديدة، ونظم الأشغال العامة وشاد المستشفى العظيم Ospeddale Maggiore، وجاء إلى ميلان بالكاتب