للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولم يكن وسيما، فقد كفاه الله شر هذا العائق الذي يلهي ويشغل عن مهام الأمور، وكان وجهه مكتنز اللحم، وأنفه مسرفا في الطول والانحناء، وذقنه ممتلئا، وشفتاه شديدتي الانطباق؛ ومع هذا فإن في صورته الجانبية المعوزة إلى بوت رفيو Botraffio، وتماثيله المحفوظين في ليون Lyons واللوفر قوة هادئة في الملامح، وحساسية في الذكاء، ورقة تكاد تصل إلى حد النعومة. وقد أشتهر بأنه في معظم الأحيان مراوغا، ولا تجده أبدا ذا ضمير حي، وقد تجده من حين إلى حين عديم الإخلاص، ولقد كانت هذه هي العيوب التي يشترك فيها ساسة النهضة، ولعلها هي العيوب التي لا غنى عنها لجميع الدبلوماسيين مهما يكن في هذا القول من قسوة. ومع هذا فقلما تجد بين أمراء النهضة من يضارعه في رحمته وكرمه، فقد كانت القسوة مما يتنافى مع طبعه، وما أكثر من أستمتع بجوده من الرجال والنساء. لقد كان حليما دمث الأخلاق، مرهف الحس بكل جمال وكل فن، قوي الخيال، جياش العاطفة، ولكنه قلما كان يفقد اتزانه أو هدوء طبعه. وكان متشككا، يؤمن بالخرافات، سيد الملايين، وعبد منجمه. كان لدوفيكو هذا كله، وكان الوارث المتوّج المزعزع للعناصر المتنافرة.

ظل ثلاثة عشر عاما (١٤٨١ - ١٤٩٤) يحكم ميلان نائبا عن أبن أخيه. وكان جلياتسو اسفرودسا جبانا يميل إلى العزلة، يرهب تبعات الحكم، كثيرا ما تنتابه الأمراض، عاجزا عن القيام بالأعمال الجدية، يسميه جوتشيارديني Guicciardini العاجز، وكان يستسلم للهو أو المرض، يسره أن يترك تصريف شؤون الدولة إلى عمه الذي كان يعجب به إعجاباً ملؤه الحسد، ويثق به ثقة ممزوجة بالشك. وقد نزل له لدوفيكو عما في لقب الدوق ومنصبه من أبهة وفخامة، فكان جيان هو الذي يجلس على العرش، ويتقبل الولاء، ويعيش الترف الملكية، ولكن زوجته إزبلا الأرغونية كان