كذلك عملت منيرفا بكل ما فيها من قوة على تزيين مجمعها العلمي الظريف، الذي دعا إليه الأمير لدوفيكو اسفوردسا، فخر الأمراء وأعظمهم، رجالا لا يدانيهم أحد في العلم أو الفن من أقصى أطراف أوربا، وأجرى عليهم الأرزاق. لقد اجتمعت فيه علوم اليونان، وأزدهر شعر اللاتين ونثرهم وأنار الآفاق، وفيه سكنت ربات الشعر، وجاء إليه أساتذة فن النحت، وأساتذة التصوير من الأقاليم النائية، وفيه كانت تتردد أصداء الأغاني والأصوات العذبة على اختلاف أنواعها، وتسمع الألحان الحلوة التي يخيل إلى الإنسان أنها تتساقط من السماء نفسها على ذلك البلاط الذي لا مثيل له في العالم" (١٧).
ولعل بيتريس هي التي أحلت، بحب الأمومة المتوقد، الخراب والدمار بلدوفيكو وإيطاليا. فقد ولدت له ولد ذكرا في عام ١٤٩٣ سمى مكسميليان باسم إشبينه، وارث عرش الإمبراطورية. وتحيرت بيتريس فلت تكن تدري ماذا يكون من أمرها وأمر الطفل إذا مات لدوفيكو، ذلك أن زوجها لم يكن له حق شرعي في حكم ميلان، وقد يخلعه جيان جلياتسو بمساعدة أهل نابلي في أية لحظة، وينفيه، أو يقتله، وإذا استطاع جيان أن يكون أن يكون له ولد، فالمفروض أن هذا الابن سيرث الدوقية، مهما يكن من مصير لدوفيكو. وكانت هذه المتاعب، تقض مضجع لدوفيكو فبعث بالسر يرسل إلى الملك مكسميليان يعرض عليه أن يزوجه ببيانكا ماريا اسفوردسا ابنة أخيه ويزودها ببائنة مغرية مقدارها أربعمائة ألف دوقة (٥. ٠٠٠. ٠٠٠ دولار)، على شرط أن يمنح مكسميليان، حين يصبح إمبراطورا، لدوفيكو لقب دوق ميلان مع ما يتبع هذا اللقب من سلطات، ووافق الملك مكسميليان على هذا العرض، ومن واجبنا أن نضيف إليه أن الأباطرة الذين خلعوا لقب الدوق على الفسكونتى المتولي شئون الحكم قد أبو أن يوافقوا على أن يلقب به الحكام من أسرة اسفوردسا، وكانت ميلان من الوجهة القانونية لا تزال خاضعة لسلطان الإمبراطورية.