وكانت البندقية تؤجره نظير كونه أستاذ لهاتين اللغتين وآدابهما أجرا عاليا غير معتاد وهو مائة سكوين Sequin (١٢. ٥٠٠ دولار) في العام، لكن فلورنس أغرته بأجر أكبر من هذا (١٤٢٩) فجاء إليها وأصبح فيها أكبر علمائها. وقد قال هو عن نفسه إن "المدينة على بكرة أبيها تقف لتتطلع لي … واسمي يجري على كل لسان". ولا يفسح لي الطريق كبار رجال البلدة المدنيين فحسب، بل يفسحه أيضاً لي النساء أنفسهن، ويظهرن لي من الإجلال والتعظيم ما يخجلني. وكان يستمع لدروسه أربعمائة شخص في كل يوم، معظمهم من الرجال المتقدمين في السن، من منزلة أعضاء مجلس الشيوخ" (٢٢). ولكن سرعان ما انتهى هذا كله، لأن فيليلفو كان ميالا للنزاع والشجار، حتى أغضب أولئك الرجال الذين استدعوه إلى فلورنس - نقولو ده نقولي، وأمبروجيو ترافرساري وغيرهما. ولما سجن كوزيمو ميديتشي في قصر فتشيو، حرض فليليفو الحكومة على أن تعدمه، فلما أنتصر كوزيمو هرب هو من المدينة، وقضى ست سنين يعلم في سينا وبولونيا، واخيرا اجتذبه فلبوماريا فسكونتي (١٤٤٠) إلى ميلان بان منحه ذلك الأجر الذي لم يكن له نظير من قبل وهو ٧٥٠ فلورينا في العام، وفيها قضى فيليلفو بقية حياته الطويلة العاصفة.
وكان فيليلفو ذا نشاط مروع عجيب، كان يلقي في كل يوم محاضرات تدوم أربع ساعات في اللغة اليونانية أو اللاتينية أو الإيطالية، ويشرح كتب الأقدمين، أو أشعار دانتي، أو كتب افلوطرخس، واكن يلقي خطبا عامة في الاحتفالات الحكومية، أو الحفلات الخاصة؛ وكتب بالغة اللاتينية ملحمة في فرانتشيسكو اسفوردسا، وعشر "قصائد" في الهجاء، وعشرة "كتب" من الشعر الغنائي، وألفى بيت وأربعمائة من الشعر اليوناني، وكتب عشرة آلاف بيت في الحب (١٤٦٥) لم تطبع، وكثير منها مما لا يجوز طبعه، وكانت له زوجتان، وتزوج بثالثة، وكان له أربعة وعشرون من الأبناء