سهل لمباردي. ويسوؤنا أن نعلم أن هذا الرجل صاحب العقل الواسع المتعدد الكفايات قد أضطر أن ينفق الوقت الثمين الذي لا يعوض في صنع أحزمة غريبة الشكل لزوجة لدوفيكو الحسناء بيتريس دست، وبضع نماذج لأثواب المثاقفة والحفلات، وينظم المواكب، أو يزين الإسطبلات، غير أن الفنان في عصر النهضة كان ينتظر منه أن يعمل هذه الأشياء كلها في الفترات التي لم يكن يشتغل فيها برسم صور مريم العذراء؛ وقد اشترك برامنتي نفسه في سخافات البلاط، ومن يدري لعل ما في طباع ليوناردو من أنوثة قد حبب إليه رسم الثياب والحلي، وما في طباعه من رقة الفارس المهذب قد جعله يستمتع بتصوير الخيل السريعة العدو على جدران الإسطبلات، وقد زين حجرة القصر استعداداً لزواج بيتريس، وأنشأ للعروس حماما خاصا، وأقام في الحديقة ظله جميلة لمتعتها الصيفية، ونقش حجرات أخرى لحفلات القصر، ورسم صورا ملونة للدوفيكو وبيتريس، وأبنائهما، وصورا غيرها لتشيتشيليا جلرينى، ولكريدسيا كريفلي عيشيقتي لدوفيكو. وقد ضاعت هذه الصورة كلها إلا إذا كانت صورة فرونيبر الحسناء المحفوظة في متحف اللوفر هي بعينها لكريدسيا. ويصف فارساي صور الأسرة بأنها "غاية في الإبداع"، وقد ألهمت صورة لكريدسيا أحد الشعراء قصيدة خماسية يمدح بها جمال هذه السيدة ويثنى فيها على مهارة الفنان (٦).
وربما كانت تشيتشيليا هي النموذج الذي رسم منه ليوناردو صورة عذراء الصخور. وقد تعاقدت معه على هذه الصورة (١٤٨٣) الجماعة المعروفة باسم أخوة الحمل Confraternity of the Conception لتكون في وسط ستار المحراب لكنيسة فرنتشيسكو. وقد أشترى الصورة الأصلية فيما بعد فرانسيس الأول وهي الآن في متحف اللوفر. وإذا ما وقف الإنسان أمامها طالعه وجه الأمومة الرقيق الذي أستعمله ليوناردو أكثر من عشر مرات فيما رسمه من الصور بعد ذلك الوقت؛ وأبصر صورة الملك تذكره