تدخلوه في حسابكم، لأن لديه من الأعمال ما يشغله طول حياته؛ واعتقادي أن هذا العمل يبلغ من الفخامة درجة لا يستطيع معها أن يتمه" (١٠). وكانت هذه الفكرة نفسها تراود أيضاً لدوفيكو في بعض الأوقات، وكان يطلب إلى لورندسو أن يستدعي فنانين آخرين ليتموا العمل (١٤٨٩)؛ ولم يكن لورندسو كما لم يكن ليوناردو، يظن أن ثمة إنسان أجدر بذلك من ليوناردو نفسه.
وأخيراً تم النموذج الجصي (١٤٩٣)، ولم يبقى إلا أن يصب التمثال من البرونز. وعرض النموذج على الجمهور في شهر نوفمبر من ذلك العام تحت قوس يزدان به موكب عرس بيانكا مارية ابنة لدوفيكو. ودهش الناس من ضخامة حجمه وروعته؛ فقد كان الحصان وراكبه يعلوان في الجو ستاً وعشرين قدماً، وأنشأ الشعراء قصائد يتغنون فيها بمدحه، ولم يكن أحد يشك في أن التمثال حين يصب سيفوق في قوته ومطابقته للحياة آيات دوناتيلو وفيروتشيو. ولكنه لم يصب، ويلوح أن لدوفيكو لم يكن في غنى عن المال الذي يبتاع به الخمسين من أطنان البرنز اللازمة له. ولذلك ترك النموذج في العراء، وأخذ ليوناردو يشغل نفسه بالفن والغلمان، والعلم والتجارب، والأدوات الآلية والمخطوطات؛ ولما استولى الفرنسيون على ميلان عام ١٤٩٩ اتخذ رجالهم الجواد والحصى هدفاً لهم وحطموا قطعاً كثيرة منه، وأبدى لويس الثاني عشر في عام ١٥٠٠ رغبته في أن ينقله على عربة إلى فرنسا غنيمة حربية له، ثم لا نعود نسمع عنه بعد ذلك.
وحطم هذا الإخفاق العظيم أعصاب ليوناردو وهد قواه إلى حين، ولعله قد أفسد علاقته بالدوق؛ ولم يكن لدوفيكو عادة يضن على فنانه بالمال، ودهش أحد الكرادلة حين عرف أن ليوناردو أعطى ألفي ودقية (٢٥. ٠٠٠ دولار؟) في عام من الأعوام فضلا عن غيرها من الهدايا والامتيازات (١١) ولهذا كان يعيش عيشة الأرستقراطي: فكان عنده عدة