عن الرسم التمهيدي لصورة العذراء والطفل والقديسة آن والطفل يوحنا ((فأعجب بها أشد العجب كل من رآها)) كما يقول فرساي ((ولما علقت … هرع إليها الناس عامة، رجالا ونساء، شيبا وشبانا من كل فج، وظلوا يفدون إلى الدير يومين كاملين ليشاهدوها، كأنهم في أيام عيد، وأثارت عظيم دهشتهم وإعجابهم)). ولسنا نعرف أكانت هذه هي الصورة الكاملة الحجم التي هي الآن أحد كنوز مجمع الفنون الملكي في بيت بيرلنجتن Burlington House بلندن. والراجح أنها هي، وإن كان الثقات الفرنسيون (١٢) يرون إنها هي الشكل الأول للصورة المحفوظة في اللوفر، والتي تختلف عنها كل الاختلاف. وإن الابتسامة التي تنم الكبرياء والرقة والتي يتلألأ بها وجه العذراء في الرسم التمهيدي وتجمله لهي من معجزات ليوناردو بحق، وإذا قيست بها ابتسامة موناليزا بدت هذه الابتسامة أرضية ساخرة، بيد أن هذه الصورة لم تكن من الصور الناجحة، وإن كانت من أعظم ما صور في عهد النهضة. ذلك أن في مقام العذراء القلق فوق ساقي أمها الممتدتين بعض ما تشمئز منه الأنفس وما ينم عن ذوق سقيم. ويلوح أن ليوناردو قد أهمل هذا الرسم التمهيدي إلى الصورة التي طلبها الرهبان، فكان لا بد لهم أن يلجئوا إلى لبي من جديد، ثم إلى بروجينو ليصور لهم ستار المحراب؛ ولكن ليوناردو سرعان ما رسم صورة العذراء، والقديسة آن والطفل يسوع المحفوظة في متحف اللوفر، ولعله قد رسمها من صورة معدلة من الرسم التمهيدي للصورة في بيت بيرلنجتن. وكانت هذه الصورة نصرا فنيا مؤزرا. من رأس آن المزين بالجواهر إلى قدمي مريم العاريتين عريا مخزيا والجميلتين جمالا ربانيا. وهنا وصل التقسيم إلى مثلثات الذي اخفق في الصورة التمهيدية ذروة النجاح؛ فرؤوس آن، مريم، والطفل، والحمل تكون هي الأربع جانبا واحدا عظيم الثراء، والطفل وجدته يحدقان في كلف إلى مريم، وأثواب النساء