والملامح الرقيقة التي من شأنها أن تجمل صورة ترسم لمجدلين Magdelen، والثانية هي صورة ليدا والبجعة (وهي الآن جزء من إحدى المجموعات الخاصة في روما) ذات الوجه الناعم اللحيم الذي يذكرنا بصورة القديس يوحنا وباخوس والتي كانت تعزى قبل إلى ليوناردو، ولكنها في أغلب الظن نسخة من صورة مفقودة أو صورة تمهيدية لهذا الفنان. ولو أن هاتين الصورتين قد قضى عليهما في مهدهما لتضاعفت بذلك شهرته.
وطرد الفرنسيون من ميلان في عام ١٥١٢، وبدأ مكسمليان بن لدوفيكو يحكمها حكما قصير الأجل. ومكث ليوناردو فترة قصيرة يكتب مذكرات موجزة في العلوم والفن بينما كانت ميلان تحترق بالنار التي أوقدها فيها السويسريون، غير أنه سمع في عام ١٥١٣ أن ليو العاشر اختير لمنصب البابوية، فظن أنه قد يجد في روما الميديتشية مكانا حتى لفنان في الحادية والستين من عمره، فاتخذ سبيله إليها ومعه أربعة من تلاميذه. وفي فلورنس ضم جوليانو ده ميديتشي أخو ليوناردو إلى حاشيته، وخصص له معاشا شهريا قدره ثلاث وثلاثون دوقة (٨١٢؟ دولار). ولما وصل ليوناردو إلى روما رحب به البابا المحب للفن، وأسكنه حجرات في قصر بلفدير. ولعل ليوناردو قد التقى هنا برفائيل وسدوما - وما من شك في أنهما قد تأثرا به. وليس ببعيد أن يكون ليو قد عهد إليه بعمل صورة من الصورن وشاهد ذلك أن فارساي ينبئنا بعظم دهشة البابا حين وجد ليوناردو يمزج الطلاء قبل أن يبدأ الرسم. ويروى أن ليو قال وقتئذ:"إن هذا الرجل لن يفعل قط شيئا لأنه يبدأ بالتفكير في آخر مرحلة من عمله قبل مرحلته الأولى"(٢٤). والحق أن ليوناردو لم يعد بعد فنانا، فقد أخذ العلم يستحوذ عليه شيئا فشيئا، فشرع يدرس التشريح في المستشفى، ويشتغل بحل مسائل في الضوء، ويكتب صفحات طوالا في الهندسة النظرية، ويتسلى في أوقات فراغه بعمل عظايا آلية ذات لحية، وقرنين،